تحدثت في المقال السابق عن أسباب و أعراض داء المقوسات (داء القطط و الكلاب) و العوامل المؤدية لزيادة خطورة المرض. أما اليوم و بإذن الله تعالى، سوف أكمل الموضوع. أتمنى أن تجدوا الفائدة المطلوبة و شكراً للمتابعة.
المضاعفات الناتجة عن داء المقوسات:
- إذا كانت مناعة الجسم جيدة، لن يعاني المريض من أي مضاعفات غالباً. لكن على الرغم من ذلك في بعض الأحيان قد يتطور لدى المريض التهابات عينية، إذا لك يتم علاجها، قد تؤدي إلى العمى.
- أما إذا كانت الجهاز المناعي ضعيف، خاصةً في حال وجود فيروس نقص المناعة المكتسبة. في هذه الحالة فإن جرثومة داء المقوسات، سوف تؤدي لنوبات صرع و أمراض مهددة للحياة مثل التهاب الدماغ.
- بالنسبة للمرضى الذين يعانون من مرض الإيدز أيضاً، فإن التهاب الدماغ غير المعالج و الناتج عن داء المقوسات، يكون قاتلاً.
- و الانتكاس مجدداً بعد الشفاء من المرض، هو من الأمور التي تدعو للقلق، بالنسبة للمرضى ذوي المناعة المنخفضة.
- أما الطفل الذي يعاني من داء المقوسات الذي انتقل من الأم خلال الحمل، قد يتطور لديه مضاعفات تؤثر على قدراته المعرفية و الإدراكية بما في ذلك فقدان السمع أو العمى أو التخلف العقلي.
أساليب الوقاية من داء المقوسات:
ارتداء قفازات أثناء القيام بأعمال الحديقة و ملامسة التراب:
في أي وقت يتم فيه العمل خارجاً، يجب غسل اليدين جيداً و بشكل متكرر بالماء و الصابون.
عدم تناول اللحوم غير المطهية جيداً:
خاصةً لحم الخنزير و لحم الضأن و لحم البقر. فهي من الحيوانات التي تحتضن جرثومة داء المقوسات. عدم تذوق اللحم قبل نضجه جيداً. و تجنب اللحوم النيئة المعالجة.
غسل أدوات المطبخ بشكل متكرر و عناية:
بعد تحضير اللحوم النيئة، يجب الانتباه لكافة الأدوات المستعملة و غسلها جيداً بالماء الحار و الصابون، للوقاية من تلوث أطعمة أخرى و انتقال العدوى.
عدم تناول الحليب غير المبستر:
و غيره من منتجات الألبان التي قد تحتوي على جرثومة القطط.
بالنسبة لمحبي القطط:
إذا كانت المرأة حاملاً أو هنالك خطورة من الإصابة بداء المقوسات أو مضاعفاته، ينصح باتخاذ الخطوات التالية للوقاية:
- الحفاظ على صحة القطة المنزلية، من خلال بقائها داخل المنزل و إطعامها الأطعمة الجافة أو المعلبة الخاصة بأطعمة القطط فقط. عدم إطعامها لحوم نيئة.
- تجنب التعامل مع القطط الشاردة أو البرية.
- بالنسبة لمهمة تنظيف صندوق الرمل الخاصة بالقطة (لقضاء حاجتها)، ليقم شخص آخر بهذه المهمة، غير المرأة الحامل أو التي تعاني من خطورة انتقال العدوى.
الاختبارات و التشخيص:
لا يمكن تشخيص مرض داء المقوسات دون إجراء اختبار محدد له. لأن أعراض الإصابة به تشبه أعراض نزلات البرد و الانفلونزا.
إجراء اختبار داء المقوسات (تحليل جرثومة القطط) خلال الحمل:
قد يطلب الطبيب خلال الحمل إجراء تحليل للدم خاصة للكشف عن وجود الأجسام المضادة لطفيلي داء المقوسات.
الأجسام المضادة هي عبارة عن بروتينات ينتجها الجهاز المناعي الداخلي كردة فعل و استجابةً لوجود أجسام غريبة في الجسم مثل الطفيليات.
- إذا كانت نتيجة التحليل إيجابية، يعتبر الطبيب أن المريض مصاباً بالعدوى. في بعض الحالات، قد يتم إجراء الاختبار في مراحل مبكرة من المرض قبل أن يتمكن الجسم من تشكيل الأجسام المضادة. في هذه الحالة، سوف تكون نتيجة الاختبار سلبية، لكن الشخص مصاب بالمرض! و للتأكد من ذلك، ينصح الطبيب بإعادة التحليل بعد بضعة أسابيع للتأكد تماماُ من النتيجة.
- النتيجة الإيجابية للاختبار تعني أن المريض قد تلقّى العدوى سواءً حديثاً، أو سابقاً و أخذ حصانة ضدها. في هذه الحالة، يجب إجراء اختبارات إضافية لمعرفة زمن حدوث العدوى هل هي حديثة أم سابقة. و ذلك بالاعتماد على نوع الأجسام المضادة الموجودة في الدم. و يتم إجراء هذا الاختبار خاصةً بالنسبة للمرأة الحامل أو مرضى نقص المناعة المكتسبة.
إجراء اختبار للجنين:
إذا أثبتت نتيجة تحليل المرأة الحامل، أنها مصابة بداء المقوسات. يتم إجراء اهتبار للتأكد من انتقال العدوى للجنين، أم أنه ما يزال سليماً. و تتضمن الاختبارات:
بزل السلى:
أي أخذ عينة من السائل الأمنيوسي. و يمكن إجراء هذا الاختبار بعد عمر 15 أسبوع من الحمل. يقوم الطبيب باستخدام إبرة دقيقة لإزالة كمية صغيرة من السائل الموجود ضمن الكيس الأمنيوسي المحيط بالجنين و الذي يقوم بتغذيته. لكن هذا الاختبار يحمل بعض الخطورة من حدوث مضاعفات ثانوية مثل تقلصات و تسرب سائل المشيمة أو زيادة خطورة الإجهاض.
التصوير بالأشعة فوق الصوتية:
يتم استخدام الأمواج فوق الصوتية لتشكيل صور للجنين داخل الرحم. تفاصيل الصورة لن تشخص داء لمقوسات. إنما تظهر وجود علامات محددة لدى الجنين مثل تراكم السوائل في الدم (الاستسقاء). لكن إذا كانت نتيجة الصور سلبية، لن ينفي ذلك احتمال وجود العدوى لدة الجنين. لذلك في هذه الحالة، يحتاج الجنين للخضوع إلى فحوصات دوية و إجراء تحاليل دموية خلال العام الأول بعد الولادة.
الاختبارات في الحالات الشديدة من المرض:
إذا تطور لدى المريض أمراض مهددة للحياة مثل التهاب الدماغ. قد يحتاج لإجراء المزيد من الفحوصات للكشف عن وجود كيسات في الدماغ. و تتضمن هذه الاختبارات:
الرنين المغناطيسي للدماغ:
يتمثل بتسليط حقل مغناطسي و أمواج راديوية (كهرو مغناطيسية) لتشكيل صور مقطعية للرأس و الدماغ. خلال هذ الاختبار يتم استلقاء المريض داخل آلة كبيرة على شكل دائري مجوف، تحتوي على مغناطيس محاط بلفائف لإرسال و استقبال موجات الراديو. و كردة فعل الجسم تجاه هذه الموجات، يقوم الجسم بإنتاج إشارات تظهر على شاشة الكومبيوتر.
أخذ خزعة من الدماغ:
في حالات نادرة، إذا لم يستجيب المريض للعلاج، يقوم الطبيب بأخذ عينة صغير من أنسجة الدماغ و يتم تحليلها في المخبر للكشف عن وجود كيسات داء المقوسات.
علاج داء المقوسات:
معظم المرضى الذين يتمتعون بصحة و مناعة جيدة، غير بحاجة للعلاج. لكن في حال ظهرت أعراض داء المقوسات الحاد، قد يصف الطبيب الأدوية التالية:
- مادة بريميثامين (Pyrimethamine (Daraprim: يستخدم هذا الدواء عادةً في علاج الملاريا. هو عبارة عن مضاد لحمض الفوليك. إلا أنه يمنع الجسم من امتصاص حمض الفوليك (فيتامين ب9)، خاصةً عندما يتم تناوله في جرعات عالية و لفترة طويلة من الزمن. لهذا السبب عند وصف الدواء، يطلب الطبيب إضافة المتممات الغذائية الغنية بحمض الفوليك. خشيةً من حدوث مضاعفات. و من التأثيرات الجانبية أيضاً الناتجة عن تنال مادة بريميثامين تتضمن: تثبيط النخاع العظمي و تسمم الكبد.
- سالفاسالازين: و هو عبارة عن مضاد حيوي. يستخدم بالمشاركة مع مادة بريميثامين لعلاج داء المقوسات.
علاج المرأة الحامل المصابة بداء المقوسات:
- إذا تمت العدوى قبل بلوغ عمر الحمل الأسبوع السادس عشر، من الممكن إعطاء المرأة الحمال مضاد حيوي سبيرامايسين. يستخدم هذا الدواء لخفض خطورة مشاكل عصبية لدى الجنين ناتجة عن داء المقوسات الخلقي.
- إذا تمت العدوى بعد الأسبوع السادس عشر من الحمل، أو إذا أظهرت نتائج الاختبارات أن الجنين أيضاً قد انتقلت له العدوى، يتم العلاج بواسطة مادة بريميثامين و سالفاسالازين و حمض الفوليك.
مع المواظبة على مراقبة وضع الطفل أثناء تناول هذه الأدوية.
المراجع:
https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/toxoplasmosis/symptoms-causes/syc-20356249
https://www.cdc.gov/parasites/toxoplasmosis/gen_info/faqs.html
https://www.healthline.com/health/toxoplasmosis
الصورة المرفقة:
https://www.flickr.com/photos/rayyathevet/