نعم الأطفال يكذبون، لكن كذلك يفعل البالغون!
عادةً الكذب هي مشكلة عَرَضية تظهر في الطفولة كردّة فعل. إذا استمر هذا السلوك لدى الطفل لما بعد مرحلة البلوغ، قد يسبب مشكلة خطيرة في شخصية الطفل و يتحول لصفة سيئة تؤثر على حياته الاجتماعية.
أسباب الكذب و كيفية التعامل مع الطفل في كل مرحلة:
مرحلة ما قبل المدرسة (من عمر 2-5 سنوات):
على اعتبار مهارات اللغة لدى الطفل في هذا العمر ما تزال في مرحلة التطور، لذلك ليس لديه فكرة واضحة عن معنى الصدق و الحقيقة. ففي هذا العمر، يكون لدى الطفل فهم بسيط جداً للتمييز بين الواقع و الخيال و الأمنيات و المخاوف.
يحاول الطفل تعزيز استقلاليته و اعتماد القوة ليعاندك. لذلك حاولي أن تكوني معتدلة دبلوماسية في ردة أفعالك. فالأطفال في هذا العمر ما يزالون صغاراً جداً لمعاقبتهم على الكذب، لكن يجب تشجيعهم بمهارة على قول و اتباع الصدق.
عند بلوغ عمر الأربع سنوات، يستخدم الأطفال المهارات اللفظية بشكل أكبر، و أبسط الأجوبة بالنسبة له في هذا السن هو الإجابة بلا (النفي) عن أبسط الأسئلة التي توجهينها له. على سبيل المثال هل ضربت أختك؟ فيجيب مباشرةً بلا.
الحل:
- إذا كان الوالدان مثالاً يُحتذى به في موضوع الصدق، و كان لهم رأياً حاسماً قوياً تجاه الكذب، فعلى الأرجح سوف ينشأ الطفل على هذا المنحى، و يصبح مستقيماً غالباً. لكن هذا الأمر يتطلب زمناً و متابعة. فالنموذج القيادي الأول بالنسبة للطفل و أكثر شخصية تؤثر في سلوكه هي الأبوين.
- إن تعليم الطفل أهمية الصدق في مراحل مبكرة و تعليمه كيفية حل المشاكل التي تواجهه دون اللجوء إلى الكذب، بهذه الحالة لن يحتاج للاعتماد على الكذب، و بالتالي سوف يكون صادقاً معظم الوقت.
- انتهزي أي فرصة لتعلمي طفلك معنى الكذب و لماذا هو سيء. كأن تقولي له دعنا نتحدث عن الكذب و لماذا هو سيء. قد لا تكون محادثة طويلة لكن حاولي إيصال رسالة أهمية الصدق.
- عند الاستجابة لكذب الطفل، كوني حازمة و جادة، دعيه يشعر بعدم تصديقك لحديثه، كأن تقولي له: هل أنت واثق أن هذا ما جرى؟ أو كأن تقولي له: ما تقوله لي لا يبدو صحيحاً. أي أشعريه أن سلوك الكذب لديه لن ينطلي عليك. لكن تابعي الاستماع له بأمان و صححي أخطاءه.
- تجنبي مواجهة الحقيقة و التدقيق فيها أكثر. أي أوصلي لطفلك رسالة عدم تصديق ما يرويه كي يتراجع عنه، لكن لا تضغطي عليه لتتجنبي إحراجه. إلا إذا كان الأمر خطير و يحتاج المزيد من الانتباه.
بالنسبة للأطفال الأكبر سناً، من عمر 5-8 سنوات:
بين عمر 5-8 سنوات سوف يعتمد الأطفال على الكذب بشكل أكبر من قبل ليختبر ما قد يحصل بعد ذلك، خاصةً فيما يتعلق بأمور المدرسة و الواجبات و الأصدقاء.
إن الحفاظ على الكذبة بعد اصطناعها لا تزال من الأمور الصعبة لدى الطفل حتى لو حاول إخفائها.
في هذا السن، يعتمد الطفل على الكذب غالباً ليسترضي أكبر قدر ممكن من متطلبات الأهل و لتحسين صورتهم أمام آبائهم. لكن لحسن الحظ معظم حالات الكذب يتم كشفها بسهولة.
في بعض الحالات قد يستخدم الطفل الكذب كوسيلة للفت الانتباه و الاهتمام، أو قلة الثقة بالنفس قد تحفز على الكذب. فالطفل قد يؤلف قصصاً من مخيلته ليصنع من نفسه شخصية ممتعة أكثر تقديراً أو قد يجعلها أسوأ!
من الأمور الهامة جداً في هذا السن، هو أنّ الطفل ينتبه لأدق التفاصيل أي يُعتبر مراقب حريص، لذلك يجب على الوالدين أن يكونوا قدوة جيدة لهذا الطفل.
انتبهي لانعكاس الكذب أمام الطفل، و لا تستصغري تأثيره مهما كان صغيراً. كأن تقولي لطفلك أجب على الهاتف و قل أني لست هنا. فهذا السلوك يزرع في طفلك الكذب قدوةً منك. لا يهم مقدار حديثك عن أهمية الصدق إذا كان سلوكك أو حديثك و تصرفاتك أمام طفلك غير صادقة.
الحل:
- عندما يصدقك الطفل الحديث أثني عليه و شجعيه كثيراً.
- حاولي إيصال ما ترغبين له عن طريق القصة. في هذا السن يستجيب الطفل للقصة كثيراً.
- اعتمدي أسلوب المحاورة و الإقناع مع طفلك. أجيبي عن أسئلته مهما كانت بسيطة و حاولي استيعابه و احتوائه.
- علّمي طفلك الذي يبلغ من العمر 6-7 سنوات، أن الحرية تسير جنباً إلى جنب مع تحمل المسؤولية.
فترة المراهقة (الطفل من 9-12 سنة):
في هذا العمر يستوعب الطفل أكثر مفهوم الصدق و الكذب. و يبدأ باتخاذ شخصية جديرة بالثقة و السمعة الحسنة. لكن من ناحية أخرى، إذا أراد الطفل أن يكذب، فقد أصبح أكثر مهارة و أكثر قدرة على إخفاء الكذبة، و أكثر حساسية لانعكاسات تصرفاته. و قد يكون لديه شعور قوي بالذنب بعد الكذب.
الحل:
- أشعري طفلك بالأمان و تجنبي العقوبة. فعندما يشعر الطفل بالأمان مع والديه، و لا يخاف من التأنيب و العقاب، سوف يلجأ للصدق غالباً. لكن عندما يخاف من العقاب، سوف يلجأ لتجنب العواقب غير المرغوبة التالية لتصرفه الخاطئ، و بالتالي يكذب.
- عندما تتجنبين العقاب، فأنت تفتحين طريق للتواصل و الحوار بينك و بين طفلك، و بالتالي سوف يلجأ لك و يطلب مساعدتك عندما يخطئ. إذا أصبح لدى الطفل قناعة أن في كل مرة سوف يخطئ فيها، فلن ينجو من العقاب، و بالتالي لا شيء سوف يمنعه من الكذب. على العكس سوف يعتبر أنه إذا كذب سوف يخفي الحقيقة و ينجو بفعلته، لكن إن صدقك سوف يعاقب.
- اشرحي له كيف أن الكذب يؤدي لفقدان الثقة. عندما يلجأ لك طفلك و قد أخطأ، انتبهي لردة فعلك، لا تبالغي فيها و لا تظهري له استغرابك من تصرفه السيء، بهذه الطريقة سوف يتعلم طفلك أن يأتي إليك غالباً.
نصائح عامة لعلاج مشكلة الكذب عند الأطفال:
- من المؤكد إن إجراء المحادثات الطويلة حول أهمية الصدق، أمر ضروري جداً في زرع هذه الخصلة في شخصية الطفل. لكن مع ذلك سوف تمر عليك بعض الحالات النادرة التي يلجأ فيها الطفل للكذب ليحافظ على صورته الجيدة أمامك.
- عندما يتم بناء علاقة متينة مريحة بين الطفل و الأهل، سوف يشعر الطفل بأمان و طمأنينة أكبر، و بالتالي يصبح صادق في حديثه و سلوكه بشكل أكبر.
- اختلي بنفسك للحظات و فكري بأسباب كذب طفلك لتستطيعين مساعدته، و معرفة الأسلوب الذي تستجيبين فيه لحالات الكذب التي تعترضك. اسألي طفلك عن سبب الكذب بهدوء، و اعلمي الأسباب الكامنة التي دفعته للكذب.
- اعلمي أن الكذب هو أمر طبيعي في مرحلة النمو عند الطفل، لكن عليك تعديله. انتبهي للأساليب العديدة التي يعبر بها طفلك عن نفسه و ليس فقط عن أسلوبه اللفظي.
- تحلي بالصبر و خصصي وقتاً للاستماع لطفلك و مصادقته.
- ميزي بين الشخص و التصرف، كأن تقولي لطفلك تصرفك هذا خاطئ، لكن أنت شخص جيد. أي عدم اشتراط المحبة مع سلوكه. أنت تحبينه دائماً و محبتك له غير مشروطة. لكن عندما يقوم بأمر خاطئ فأنت تُقيّمي سلوكه و ليس نفسه.
- إياك و نعته بالكذاب، فبهذه الطريقة سوف تعززي هذا السلوك لديه أكثر و يقتنع أنه كاذب، و لا يجد سبباً يدفعه لترك هذا السلوك بعد أن تم نعته به.
المراجع:
http://www.huffingtonpost.com/miriam-mason-martineau/what-to-do-when-my-child-_b_5355641.html
http://www.parents.com/kids/development/behavioral/age-by-age-guide-to-lying/
http://www.todaysparent.com/family/parenting/how-to-teach-kids-to-stop-lying/
http://www.livestrong.com/article/534769-kids-compulsive-lying/
http://www.parenting.com/article/why-kids-lie-age-by-age
الصورة المرفقة:
https://www.flickr.com/photos/atgeist/