طفلي انطوائي أو منغلق على نفسه.. كيف أشجع الطفل على التحدث و النقاش؟

1108 0
1108 0
الطفل و الحوار

مع دخول الطفل سنوات المدرسة، يصبح مستقلاً بشكل أكبر. يقضي معظم أوقاته خارج المنزل، في المدرسة ومع أقرانه.

التحدث مع طفلك عن مجريات يومه، أمر ضروري، و في بالغ الأهمية. لتوثيق الروابط فيما بينكم، ومشاركة الأفكار والآراء.

تختلف شخصية كل طفل عن الآخر. و يبدو ذلك واضحاً منذ الصغر. هنالك جوانب معينة ثابتة في الشخصية. لكن هنالك جوانب أخرى من الشخصية، بإمكاننا تعديلها و تطويرها وصقلها، لتبرز بشكل لامع وتُظهِر أجمل ما فيها.

وفي الحديث عن هذا الموضوع، عاد إلى ذهني كتاب (أبناؤنا جواهر و لكننا حدادون) للدكتور مسلم تسابحجي، (إجازة في الطب البشري والمخبري و دبلوم في التأهيل التربوي من دمشق-سوريا). يتحدث في الكتاب عن الاستراتيجية المثلى للتربية، في أبسط أشكالها.

حيث اقتبس عنوان كتابه من فكرته التالية، حين قال:

(اكتشفت أن أبنائي جواهر و لكنني كنت حداداً. استخدمت معهم مطرقة الحداد و عضلات الحداد و نار الحداد).

ثم أردف يقول:

(في ذلك اليوم قررت قراراً مصيرياً، هو أنني سأعتزل الحدادة، و أبدأ بتعلم مهنة الصائغ، و أدوات الصياغة، و حساسية الصائغ و رقته).

فعندما نشعر أن أولادنا يبتعدون عنا، أو لا يرغبون بمشاركتنا مجريات يومهم. أو يخافون التعبير عن رأيهم و طرح ما يجول في ذهنهم، علينا أن نراجع أنفسنا أولاً. و نُعيد تقييم علاقتنا بهم.

يقول الدكتور مسلم في كتابه:

  • (الخوف الذي زرعناه و ما زلنا نزرعه في قلوب أبنائنا، هو أكبر عائق أمام نموهم النفسي السليم، و أمام تفعيل القدرات الهائلة الكامنة لديهم).
  • (إذا أردت أن تسرع عملية النضج عند أبنائك، فاستخدم أذنيك أكثر، استمع إليهم، افهم الدنيا من منظارهم. أما إذا أردت أن يبقوا معتمدين عليك، فأكثر من الكلام و المواعظ و الدروس).

في الحقيقة هو كتاب ممتع جداً، عميق في معانيه و أفكاره، سهل الفهم والتطبيق. أنصح بقراءته لكل من يهتم بتربية الطفل وتنمية شخصيته.

جميعنا كأهل، نرغب بتربية طفل ناجح محب واثق بنفسه. يشعر بالقدرة على التعبير عن رأيه. لا يخجل من استخدام صوته و إيصال أفكاره. لكن هذا الأمر يحتاج منا بذل الجهد والاهتمام والمتابعة والتوجيه.

تقول ميا روزين بيرغ أخصائية العلاج النفسي في نيويورك:

(سواء رغب الطفل التعبير عن رأيه و قول كلمة لا، للأمور التي لا يرغب القيام بها. أو رغب الطفل بالتحدث عندما يشعر أن لديه شيئاً هاماً يحب مشاركتنا به. فإن بناء مهاراته الحازمة هذه، ستتيح لطفلك القوة، ليكون صوته مسموعاً و صداه واسعاً. و تعزز ثقته بنفسه أثناء قيامه بذلك).

إليك بعض الاقتراحات لتعزيز التواصل بينك و بين طفلك و تشجيعه على الحديث:

يركّز خبراء علم النفس على أساليب بسيطة، يمكن للأهل اتخاذها، لمساعدة أطفالهم على تنمية هذه المهارات، و الشعور بالقوة لمشاركة صوتهم أثناء نموهم.

دع طفلك يجيب بنفسه عن الأسئلة الموجهة له:

تقول مارسي بيجل أخصائية السلوك من نيويورك:

(سواء قابلت صديقاً لك في الطريق و أنت بصحبة طفلك، فألقى التحية و طرح عليه سؤالاً ما. أو كنت في مطعم، و عند طلب وجبته الخاصة به، دع طفلك يتحدث هو عن نفسه.

بشكل لا شعوري، قد يرغب الأهل بجعل الحياة أسهل أمام أطفالهم. خاصةً إذا كان الطفل خجولاً. فيجيب الأهل بدلاً عنه!

التوقف عن ممارسة هذه العادة من الأهل، تجلب قوة و أهمية لصوت الطفل. و تشجعه على التعبير عن رأيه في مواقف جديدة و متنوعة).

انحت وقتاً للنقاشات المثمرة:

اختلق وقتاً مزهراً للحوار مع أطفالك. ربما أثناء تناول وجبات الطعام معاً.

شارك أطفالك بالأمور أو المشاريع التي تهمك في حياتك. و خذ برأيهم و انتظر إجابتهم.

استغل أوقات الانتظار للتحدث مع طفلك. على سبيل المثال أثناء الطريق في السيارة، أو عند الوقوف في طابور الانتظار في المتجر مثلاً.

تقول دكتور بيجل:

(كن فضولياً حول أفكارهم. و اسألهم أين تعلمت هذا؟ أو كيف خطر هذا على بالك؟ أو عبّر عن اهتمامك بإجابتهم. مثلاً: مممممم هذا ممتع، أخبرني المزيد).

اطرح أسئلة مفتوحة تكون الإجابة عليها أبعد من نعم أو لا:

بهذه الطريقة أنت تفتح نطاق أوسع للمحادثة.

تؤكد د. روزين بيرغ: (من الضروري طرح أسئلة مفتوحة على الطفل حول الموضوع الذي تتحدثون عنه. حتى و إن أبدى بعض الممانعة و المقاومة. 

مثلاً بدلاً من أن تعبر عن فكرته ب: نعم هذا جيد. حاول الحفر لعمق أكبر في الحوار. و اسأله لمَ قال ذلك. مثلاً: أتساءل لماذا قلت كذا، أو لقد لاحظت كذا و كذا. بهذه الطريقة أنت تسمح لطفلك أن يفكر، و يبدأ بالانفتاح و الإسهاب بشكل أكبر).

حاول ألا تحكم عليه:

عندما يشعر الطفل بالراحة، هو الذي يقرر متى سيطرح مواضيع صعبة للنقاش. لكن عندما يشعر أنه قد تم الحكم عليه مسبقاً، أو أنه موضع اتهام. لا يلبث أن ينغلق على نفسه مجدداً و ينهي الحديث!

تتابع د. روزين بيرغ: (من الضروري جداً، عندما يحاول الطفل فتح موضوع ما مع الأهل. أن يكون الأهل مستعدين للاستماع دون أحكام مسبقة أو سريعة على الطفل. أي لا تطرح على الطفل أسئلة تضعه فيها موضع المتهم أو بحاجة ليدافع عن نفسه).

إذا شعرت أن طفلك يتردد في متابعة الحوار، امنحه لحظة ثم اعترف بأنك متفهم، قد يكون من الصعب التحدث عن أشياء معينة.

امنح طفلك الخيارات في وقت باكر:

على سبيل المثال:

  • ماذا ترغب أن تأخذ معك إلى المدرسة فريز أم عنب؟
  • أي كتاب تفضل أن نقرأ قبل النوم؟
  • ماذا ترغب أن ترتدي اليوم القميص الأبيض أم الأزرق؟

قد تبدو لك هذه خيارات بسيطة، لكن أثرها كبير في نفسية الطفل.

تقول كاثرين إيلاي (مستشارة معتمدة في برمنغهام-ألاباما) : (حتى هذا النوع من الخيارات البسيطة، سوف يعزز ثقة الطفل بنفسه و التعبير عن رأيه).

تجنب مقارنة الطفل بغيره:

تقول إيلاي: (يتشبث الأطفال كثيراً بالتعليقات التي قد يقولها الآباء حتى دون أن يفكروا بها. مثل تسمية أحد أطفالك بالذكي و الطفل الآخربالمضحك! بدلاً من ذلك، علّق على التصرف أو السلوك المضحك أو الذكي. لكن لا تنعتها كصفة ملازمة للطفل). 

بهذه الطريقة ستساعد طفلك على فرد أجنحته و النمو و التحليق عالياً، بدلاً من أن تقيده بالصفات التي نسبتها له.

ساعد طفلك على تعزيز وجهة نظره:

من خلال استخدام مصادر موثوقة، علّم طفلك كيفية البحث عن أي فكرة موجودة لديه. مثلاً إذا عبّر طفلك عن رأيه أن الحمية النباتية هي أفضل طريقة للصحة. يمكنك مشاركته البحث من مواقع موثوقة عن الحمية النباتية للأطفال. فإما يعزز رأيه، و يكتسب المزيد من المعرفة. أو يغير وجهة نظره، و يفكر بطريقة مختلفة، و يكتسب المزيد من المعرفة أيضاً.

هذا يعزز ثقته بنفسه و يشجعه على التعبير عن رأيه و مشاركة أفكاره بشكل أقوى.

المراجع:

https://www.parents.com/parenting/better-parenting/little-ways-to-encourage-your-child-to-speak-their-mind

https://www.ascd.org/el/articles/empowering-children-through-dialogue-and-discussion

https://www.parents.com/kids/responsibility/talking-to/getting-your-kid-to-open-up

http://resourcesforearlylearning.org/educators/module/20/7/19

https://kidshealth.org/en/parents/comm-6-to-12.html

الصورة المرفقة:

https://www.flickr.com/photos/mayaaleshkevich/46325957884/in/photolist-2dzEDiN-5bb1Rd-5RVGg-rJ6Y8-87tVgH-6AZvjG-87tX4Z-jr1BZ-G8ay8-fNYLA-FTiVAT-23EG2a-rUewSy-qgBRZ-gFeqes-LpDbS4-gmZoog-spNrHa-7tUU4u-79z3JF-JwcHZC-cYqfnm-7cAR66-Jw5q1T-q4dj5-rt22hP-2EkgT-2n83qJJ-CCVFxg-cPCyRb-5bb1AJ-6mBuAZ-pQaX4-pQaWh-2cEtAaS-4A5vYY-6GyXxL-2kKnYod-qBM4vf-en6H7N-AnjEG-CwuRiR-HS6ro-6GuN5R-6GyUQW-6GyP19-GeAA5-W6wJZa-RRYh3p-QRnhyQ

تصنيفات المقال

انضم الى المحادثة

اذا أعجبك هذا المقال شاركه مع أصدقائك، شكراً لك