استجمعتَ قواك و عزمتَ خوض المخاطر و وضعت نفسك في ذلك الموقف.
و بعد كل تلك الجهود العاطفية التي بذلتها، لم يتم الأمر بالطريقة التي خططت لها. و الآن تشعر أنك انجرحت قليلاً.
كلٌّ منا يتعامل مع حالات من الرفض بطريقة أو بأخرى. إذا ً الأمر ليس سراً، تلقّي الرفض هو أمر محزن و مؤلم!
بغض النظر عن الموقف، سواء كان مقابلة عمل، أو تقديم طلب دراسي، أو علاقة جدية مع شخص تسعى لتوطيدها، أو مخاطر في حياتك الشخصية اتخذتها. مهما كان الموقف، فإن الخوف من الرفض قد يُكبّل حركتنا.
الخوف من الرفض هو أمر طبيعي. و الخبر الجيد هنا أن الكثير من السعادة و الناس الناجحين، واجهوا الرفض سابقاً، و تغلبوا عليه و انتقلوا للمرحلة الأفضل.
لكن النقطة الهامة هنا هي، لماذا يبدو أن بعض الأفراد جيدون في التعامل مع حالات الرفض و التغلب عليها، أكثر من غيرهم؟
في بعض الأحيان، يعود الأمر برمّته إلى الإيطار الذي حصرنا نفسنا بداخله.
التعرض للرفض هو أمر مؤلم، بشكل جزئي. لأن أحد أهم المخاوف البشرية هي التخلّي.
كثيراً ما نُسيء تفسير الرفض، و نعتبره مؤشراً على قيمتنا الذاتية. خاصةً إذا كان مرتبطاً بالرفض الذي مررنا به سابقاً في الحياة.
رسائل الرفض، سواءً المباشرة أو غير المباشرة، المقصودة أو غير المقصودة، تترك كدمات و آثار سلبية على الثقة بالنفس و الإحساس بالأمن، في كل من علاقاتنا الشخصية و المهنية.
قد تكون لدغة الرفض مؤلمة لدرجة تمنعنا من المخاطرة مرة أخرى، خوفاً من الرفض مجدداً. خاصةً عندما نضع عواطفنا على المحك.
لكن إذا اعتبرنا الرفض على أنه نهاية كل شيء، فإننا سنفقد الكثير من الفرص الرائعة التي تقدمها لنا الحياة!
لحسن الحظ هنالك بعض الخطوات الملموسة التي يمكن اتخاذها، لتغيير حجم الإيطار الذي حجزنا نفسنا بداخله.
إليك السبب الذي يجعل التعرض للرفض مؤلماً. و بعض النصائح المعتمدة من الخبراء، للمضي قدماً و إيجاد القوة العاطفية لذلك.
أهم النصائح للتغلب على حالات الرفض و الإحباط و خيبات الأمل و تجاوزها:
اعلم أن هنالك سبب يجعل التعرض للرفض مؤلماً:
لسعة الرفض، ليست عبارة عن مصطلح فحسب، للتعبير عن الشعور بالألم.
فالدماغ في الحقيقة يسجل ألم الرفض كما يسجل الجرح البدني. لذا لا تفكر أنك شديد الحساسية إذا تعرضت للرفض و حزنت.
في دراسة تم نشرها في الأبحاث العلمية، استخدم الباحثون التصوير بالرنين المغناطيسي، لتحديد أن التعرض للرفض ينشط مناطق عدة من الدماغ، هي نفسها المشاركة في الألم الجسدي.
تساعد روابطنا الاجتماعية على تعزيز البقاء على قيد الحياة. فنحن نعتمد على بعضنا البعض للبقاء على قيد الحياة.
تتأثر ردة فعلنا للرفض الاجتماعي بأنماط اخرى لدينا أو طريقة تعلقنا بالآخرين.
تعلم التعلق و الانفصال بثقة، هو شيء نطوره في مرحلة الطفولة. ففي أنماط التعلق الصحية، يتعلم الطفل كيف يتأقلم على حالة عدم الرضا، في حال انفصال الأبوين مثلاً أو الابتعاد عن الأماكن التي يجبها.
فالرفض إذاً هو شكل غير محبب من أشكال الانفصال.
عالج مشاعرك:
الآن بعد أن عرفت أن الألم ليس في رأسك فقط. لقد حان الوقت لتحديد ومعالجة جميع المشاعر المرافقة له.
اسمح لنفسك أن تطلق العنان لمشاعرك.
من الضروري أن تضع أي شعور بالخسارة في منظوره الصحيح. و فيما يلي سأعرض بعض الأسئلة و أدوات التأقلم التي يعتمدها المعالج النفسي مع مرضاه.
- اسأل نفسك: هل أنظر للموضوع و موقف الرفض بشكل شخصي؟
- ما هي الرسائل القديمة التي مررت بها و قد تكون تؤثر على مشاعري بالرفض؟
- عبّر عن مشاعرك بصوت عالِ أو قم بتدوينها على الورقة. المهم ألا تدعها مقيدة بداخلك.
أي من هذه الأفكار أو التمارين السابقة ستساعدك على تحرير مشاعرك و تمييزها.
فهم سبب الرفض:
خذ نَفَساً عميقاً و قم بالعمل الصعب و اكتشف سبب الرفض دون حكم مسبق على نفسك.
ففي بعض الأحيان نحن لا نتواصل بشكل واضح. اسأل نفسك، هل طلبت من شخص ما أن يقرأ ما في ذهنك و أصبت بخيبة أمل من النتيجة؟
ففي بعض الأحيان و لحماية أنفسنا من الرفض، قد نترك فراغات و شواغر لشخص آخر لملئها.
إذا لم نوضح المعنى الذي نقصده، غالباً ما يؤدي لجرح مشاعر الآخر، و أخذ الموضوع على محمل شخصي و الغضب و الاستياء.
على سبيل المثال، سألت مديرك في العمل للحصول على ترقية. و رفض ذلك مشيراً أنك غير مؤهل لذلك بعد.
بدلاً من أن تأخذ الموضوع على محمل شخصي و تفقد الأمل في الترقية المستقبلية. فكّر بها على أنها فرصة لمعرفة احتياجات مديرك في العمل و إيجادها لتكون جاهزاً و تستحق الترقية.
تجنب المواقف غير المجدية:
كن لطيفاً مع نفسك. يميل الإنسان لأن يكون أسوأ منتقد لنفسه. لكن التفكير لساعات في كل ما قمت به بشكل خاطئ، قد يبالغ في تعميم الموقف، أو يثبطك عن المخاطر المستقبلية.
- عدم قدرتك على الحصول على هذه الوظيفة. لا يعني أبداً أنك لن تحصل على وظيفة أبداً.
- فشلك في علاقة مع شخص ما، لا يعني أبداً أنك ستبقى وحيداً سائر عمرك.
- فشلك في امتحان ما، لا يعني أنك لن تتمكن من النجاح ثانيةً.
من أكبر التحديات التي يواجهها الشخص، عند محاولة الخروج من تأثير حالة الرفض هي لوم الذات و جلد الذات و هدر الكثير من الطاقة في التركيز على موقف الرفض ذاته، بدلاً من إيجاد الحلول البديلة.
بدلاً من ذلك حاول التفكير بموضوعية أكبر و الانتقال للخطوة التالية.
قم بتقييم ما يمكنك تعلمه:
اسمح لنفسك التفكير في موقف الرفض على أنه تجربة تستطيع التعلم منها و النمو و المضي قدماً.
أحط نفسك بالإيجابية:
بغض النظر عن حجم الرفض الذي تعرضت له، سواءً في العمل أو الحياة الشخصية، لكن ما زال بإمكانه ترك تأثير سلبي في نفسك، و الأخطر هو تأثيره على ثقتك بنفسك.
استرخِ و ذكّر نفسك بنقاط القوة الموجودة لديك التي تتمتع بها.
تكرار الأفكار الإيجابية تقلل من التوتر و تحسن الأداء الأكاديمي و تجعل الشخص أكثر انفتاحاً لتغيير سلوكه.
إعادة توجيه أفكارك نحو المضي قدماً:
لقد واجهت موقف الرفض و نجوت منه. الآن لا تحمل هذا الهم فوق رأسك طيلة الحياة.
كيف ستستفيد من تجربتك و توظفها لتحسين مستقبلك؟
ما هي العبرة و النصيحة التي أخذتها من هذا الموقف؟
أفضل جزء من موقف الرفض، هو التطلع للأمام و الدروس التي تعلمناها منها، لمتابعة المسير دون كلل أو ملل.
التحرك مجدداً نحو الأمام يعني أنك وجدت التشجيع و الحماس الكافي، للمحاولة مرة أخرى.
مع تمنياتي لك بالتوفيق و شكراً للمتابعة 🙂
المراجع:
https://kidshealth.org/en/teens/rejection.html
https://www.positivityblog.com/deal-with-rejection
https://www.prevention.com/health/mental-health/a38175548/how-to-get-over-rejection
https://www.psychologytoday.com/ca/blog/conquering-codependency/202106/4-strategies-cope-rejection
الصورة المرفقة: