التفكير بكافة الأمور التي يجب إنجازها. و التخمين في أي قرار قمنا باتخاذه أو بحاجة للبتِّ في أمره.
تخيل السيناريوهات الأكثر سوءاً لكل موقف يواجهنا في حياتنا. هذه التصرفات و الأفكار هي مرهقة للغاية!
في الحقيقة، إن التفكير في العواقب و مجريات الأحداث و المسؤوليات، أمر في غاية الأهمية. إنما إلى حد معين فقط.
فرط التفكير يؤثر على الصحة العقلية و النفسية. و يُعتبر من العادات السيئة التي يصعب تغييرها.
قد تعتقد أن التفكير في أمر ما لفترة طويلة من الزمن، هو المفتاح الأساسي لإيجاد الحل. لكن غالباً هذا ليس صحيحاً.
بل على العكس تماماً، كلما أطلت التفكير في أمر ما، كلما استهلكت طاقتك بشكل أكبر و انخفضت إنتاجيتك.
الفرق بين التفكير الصحي و فرط التفكير:
- من الطبيعي جداً أن نفكر بشكل أكبر، عندما تعترضنا مشكلة ما. أو إذا كان لدينا مشروع أو حدث هام جديد نعمل له. لكن هذا أمر عَرَضي و مؤقت.
- لكن إذا أضعنا ساعات لا تحصى في محاولة اتخاذ قرار ماذا نرتدي على هذه المقابلة مثلاً. لن يتبقى لديك الوقت الكافي لتحسين أدائك و تحضير إجاباتك لهذه المقابلة!
و بالتالي أهدرت وقتك على أمر لا يستحق كل هذا التفكير، مقابل موضوع آخر أكثر أهمية.
قبل أن تضع حداً لمشكلة فرط التفكير. يجب عليك أن تميز متى تقوم بهذا الأمر.
كيف نعلم أننا نفرط التفكير أكثر مما ينبغي؟
لا نركز على الحل:
فرط التفكير يختلف عن إيجاد الحلول لمشكلة ما.
فرط التفكير هو عبارة عن الدوران حول المشكلة فحسب. بينما حل المشكلة هو التركيز و البحث عن الحلول.
تخيّل أن عاصفة ما قادمة. و إليك الفرق بين فرط التفكير و بين البحث عن حل للمشكلة:
فرط التفكير:
- أتمنى لو لم تحدث العاصفة. سيكون الأمر لا يطاق.
- أتمنى لو لم يتضرر المنزل. لماذا دائماً تحدث هذه الأمور معي؟! لا أستطيع التغلب عليها بمفردي.
حل المشاكل:
- سوف أذهب إلى الخارج و أحضر أي شيء هام قد يتطاير بعيداً. سوف أضع كيس رملي أمام باب المنزل لتوفير بعض الحماية.
- إذا تساقطت الأمطار الغزيرة، سوف أذهب إلى المتجر لشراء ألواح الخشب للتمكن من صعود النوافذ.
إذاً التفكير في حل المشكلات ينتج عنه الفعل و العمل. بينما من ناحية أخرى، فإن فرط التفكير يغذي المشاعر السلبية فقط دون إيجاد الحلول.
نواجه أفكار متكررة:
تكرار نفس الأشياء مراراً و تكراراً لا يجدي نفعاً.
عندما تفرط في التفكير، قد تجد نفسك تكرر نفس الحوار في ذهنك مراراً، أو تتخيل بعض الأشياء السيئة تحدث عدة مرات.
إن فرط التفكير في مشاكلك و أخطائك، يزيد من خطر إصابتك بمشاكل صحية و عقلية.
و عندما تتدهور الصحة العقلية، تصبح أكثر عرضة للغرق في دوّامة الأفكار المتكررة، التي يصعب كسرها.
القلق الدائم يمنعنا من القدرة على النوم:
عندما تفرط في أفكارك، قد تشعر أن عقلك غير قادر عن التوقف عن التفكير و الاسترخاء.
عندما تحاول النوم، قد تشعر أن عقلك في حالة من السرعة الزائدة. و يعيد تشغيل سيناريوهات في رأسك، يجعلك تتخيل حدوث أشياء سيئة.
تؤكد الدراسات و الأبحاث، أن فرط التفكير يتعارض مع النوم و يجعله أكثر صعوبة.
صعوبة الشروع في النوم، قد تساهم في زيادة حالات القلق لديك.
على سبيل المثال، إذا لم تتمكن النوم بشكل جيد و سريع، قد ينتابك القلق أنك ستشعر بالتعب الشديد في اليوم التالي. فتزيد حالة القلق أو التوتر لديك. و بالنتيجة، تؤدي لصعوبة النوم أكثر.
أن نكافح لنتخذ القرارات:
قد تحاول إقناع نفسك أن التفكير لوقت أطول قد يساعدك. ففي النهاية أنت تبحث عن كل زاوية ممكنة للمشكلة.
إنما فرط التفكير، يصبح عائق.
تؤكد الأبحاث أن التفكير الزائد، يجعل اتخاذ القرار أكثر صعوبة.
إذا لم تكن حاسماً حول كل شي، بدءاً مما ترغب بتناوله على العشاء، إلى الفندق الذي يجب أن تحجز فيه لرحلتك. قد تكون تفكر بشكل زائد!
من المحتمل جدًا أنك تهدر الكثير من الوقت في البحث عن آراء ثانية، والبحث في خياراتك. في حين أن هذه الخيارات الصغيرة في النهاية قد لا تهم كثيرًا!
تخمين قرارات ثانية:
في بعض الأحيان فإن فرط التفكير يتضمن تحميل نفسك على القرارات التي اتخذتها.
قد تهدر الكثير من الوقت في التفكير، كيف ستكون حياتك أفضل لو أنك قبلت ذلك العمل أو بدأت في ذلك المشروع. أو من الممكن أن تشعر بالاستياء من نفسك لعدم رؤية الأعلام الحمراء قريباً! ففي اعتقادك يجب أن تكون نتائج عملك واضحة و مرئية من السابق.
و على الرغم من أن القليل من التأمل الذاتي قد يساعدك في التعلم من أخطائك. فإن إعادة التخمين لخيارات ثانية، هو شكل من أشكال التعذيب العقلي.
يؤثر فرط التفكير بشكل سلبي على مزاجك. و ربما يجعل من الصعب عليك اتخاذ القرارات في المستقبل.
ماذا تفعل للتغلب على مشكلة فرط التفكير؟
تشير الأبحاث أن التفكير بشكل أقل حول المشكلة أو الحدث الذي يعترضك، قد يكون في الواقع هو المفتاح لتطوير حلول أفضل.
تشتيت نفسك قد يساعدك:
بدلاً من الجلوس و التفكير حول المشكلة لكميات غير متناهية من الوقت. يمكنك تشتيت نفسك قليلاً.
قد يجد عقلك طرق أفضل للتوصل إلى حل و أنت مشتتاً بمهمة أخرى مثل العمل في الحديقة.
أو قد تكون نائماً، و تكتشف أن عقلك حلّ المشكلة و وجدت الحل بينما أنت نائم.
طبعاً هذا لا يعني ألا نفكر أو نبحث عن الحلول، آملين أن نجد الحل و نحن نائمون! بل أن نوزع جهودنا بشكل معتدل. و نعطي كل عمل وقته و حقّه المنطقي لا أكثر.
أن تشغل نفسك قليلاً، يمكن أن يمنحك استراحة قصيرة. فيجعل عقلك يركز على الشيء بشكل أكثر إنتاجية. و قد يطور عقلك حلاً لك، عندما تتوقف عن التفكير في المشكلة.
راقب نفسك متى تفرط في التفكير:
الانتباه للأمر و إدراكه هو الخطوة الأولى لوضع حد و حل للمشكلة.
ابدأ بالانتباه للطريقة التي تفكر بها. و عندما تلاحظ نفسك تعيد الأحداث في عقلك مراراً. أو تشعر بالقلق حيال أمر لا تستطيع التحكم به، نبّه نفسك أن هذه الأفكار غير إنتاجية.
حفاظ على التركيز في حل المشكلة بدلاً من السعي حولها فقط:
اسأل نفسك ما هي الخطوات التي يجب اتخاذها حتى تتعلم من أخطائك و تتجنبها في المستقبل.
بدلاً من أن تسأل نفسك لماذا حدث هذا الأمر معي. اسأل نفسك كيف أعالجه و ماذا أفعل للتغلب عليه.
حدد وقت زمني للتفكير 🙂
خصص 20 دقيقة من جدولك اليومي للتفكير الفعال. و اسمح لنفسك بالقلق و اجترار الأفكار. بل فكّر بكل ما تريد خلال هذا الزمن. ثم عندما يحين الوقت، انتقل لشيء آخر أكثر إنتاجية.
و عندما تلاحظ نفسك غارقاً في أفكارك، ذكّر نفسك بالموعد الآتي المخصص للتفكير.
أخيراً:
التفكير الزائد قد يكون مؤشر على وجود مشكلة صحية، بحاجة لاستشارة طبيب أخصائي. فقد يكون مؤشر على أعراض مرض الاكتئاب أو القلق.
أو قد يزيد احتمال الإصابة بهذه الأمراض النفسية مستقبلاً.
قد يعلمك الطبيب الأخصائي المهارات التي ستساعدك على التوقف عن الهوس و التفكير الزائد في الأشياء غير المفيدة. كما قد يساعدك أيضاً في تحديد استراتيجيات التأقلم التي تناسبك مثل جلسات التأمل أو التمارين الرياضية.
المراجع:
https://www.verywellmind.com/how-to-know-when-youre-overthinking-5077069