أسعد الله أوقاتكم بكل خير إخوتي الكرام من مختلف أنحاء العالم.
قارب فصل الشتاء على الرحيل. نودع مرحلة من عمرنا و نستعد لاستقبال ما يليها.
مثلما نهيئ بيوتنا لاستقبال فصل الربيع. فنخفف الأغطية السميكة و نخبئ الملابس الصوفية. نتجرد كذلك من ثقل همومنا وأفكارنا.
نشعر أن روحنا عادت خفيفة رشيقة و مفعمة بالحياة.
ننفض الغبار عن نفوسنا، التي كانت في سبات شتوي. بعد أن طغى عليها سكونٌ حالك، و ليالي شتاء طويلة ومظلمة.
نعم هذا أمر حقيقي، تتأثر مشاعرنا و صحتنا النفسية والعقلية بتقلبات الطقس! إنما بدرجات متفاوتة.
بالنسبة لبعض الأفراد، فإن التقلبات المناخية قد تسبب لديهم حالات من القلق و اضطرابات نفسية شديدة.
حيث ارتبطت حالات الفيضانات و التجفاف لفترات طويلة، بارتفاع مستويات الأرق والاكتئاب و اضطرابات ما بعد الصدمة.
كما رافقت أحداث الطقس القاسية، ارتفاع ملحوظ في زيادة السلوك العدواني و العنف المنزلي.
و يؤدي زيادة التعرض لارتفاع درجات الحرارة أو البرد القارس، إلى زيادة حالات التوتر و زيادة حالات الإسعاف و الطوارئ، للأفراد الذين يعانون من مشاكل في الصحة العقلية و النفسية. و زيادة حالات الانتحار كذلك!
من هم الأشخاص الأكثر عرضة للتأثر بالتقلبات المناخية؟
يختلف تأثير تقلبات المناخ على الأفراد من حالات خفيفة ثانوية غير ملحوظة، إلى حالات شديدة خطيرة بحاجة للانتباه.
من الحالات الأكثر عرضة للتأثر بالتقلبات المناخية تتضمن ما يلي:
- الأطفال الصغار و الأفراد الكبار في السن
- المرضى المصابون بالأمراض المزمنة
- الأفراد ذو الحالة الاقتصادية المحدودة
- النساء الحوامل أو النساء حديثات الولادة
- المهاجرون و اللاجئون الجدد و المشرودن أيضاً
- الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات عقلية أو ضعف الإدراك المعرفي أو ضعف القدرة الحركية
الأفراد الذين يعانون من مشاكل في الصحة العقلية، هم أكثر عرضة للتأثر بالتغيرات المناخية، لعدة أسباب:
- تستطيع الأدوية النفسية أن تؤثر على قدرة الشخص على تنظيم درجة حرارة الجسم الداخلية، و وعيهم لارتفاع درجة حرارة أجسامهم. و التي ترتبط أحياناً بحالات من الإصابة و الموت.
- تؤثر الحالة المزاجية و العاطفية على الصحة البدنية و النفسية و الاقتصادية كذلك.
حيث ترتبط العواطف الإيجابية بتحسين العوامل الفيزولوجية، مثل مستويات هرمون الكورتيزول و أداء القلب و الأوعية الدموية، و تعزيز الأداء المعرفي و المرونة العقلية. كما تزيد الترابط الاجتماعي. و قد تساهم في زيادة الدخل و النجاح الاقتصادي.
- كما تنتقل الحالة العاطفية و تتأثر من خلال الشبكات الاجتماعية. مما يضخم تأثير العواطف الفردية المتغيرة على نطاق واسع.
كيف تؤثر تقلبات الطقس على مزاج الإنسان؟
اضطراب الشتاء العاطفي الموسمي (winter seasonal affective disorder (Winter SAD :
من أكبر الطرق التي قد يؤثر بها الطقس على الصحة العقلية، هي اضطراب الشتاء العاطفي الموسمي.
الأفراد الذين يعانون من تاريخ مرضي سابق لحالات الاكتئاب أو اضطراب ثنائي القطب، هم أكثر عرضة للإصابة باضطراب الشتاء.
في حين أن العديد من الناس يعانون من اكتئاب عَرَضي أو تقلبات المزاج في الشتاء. إلا أن اضطراب الشتاء الموسمي هو هجمة فعلية من مرض الاكتئاب.
تتضمن الأعراض مزاج مكتئب محبط، يميل للنوم كثيراً. يغلب عليه الإحساس بالتعب و زيادة الشهية للطعام، خاصةً السكريات و الكربوهيدرات.
و على الأرجح يؤثر اضطراب الشتاء على الأشخاص الذين يعيشون في خطوط العرض الشمالية، حيث يكون اليوم أقصر و درجات الحرارة أكثر برودة.
لا يوجد سبب واضح للإصابة باضطراب الشتاء الموسمي. لكن هنالك بعض العوامل التي تلعب دوراً في ذلك. منها الاضطراب الذي يصيب الساعة البيولوجية في الجسم.
على اعتبار أنه من الشائع الاستيقاظ في الظلام. و قضاء يوم كامل في الداخل. ثم العودة إلى المنزل في الظلام أيضاً خلال أشهر الشتاء.
نحن بحاجة للضوء لإيقاظنا. و بدء التغييرات الهرمونية التي تحافظ لنا على دورة الساعة البيولوجية، التي تبقينا في دورة منتظمة من حالات الإيقاظ و حالات النوم.
تشير الأبحاث إلى أن الاضطراب في إيقاع الساعة البيولوجية، قد يساهم بشكل كبير في زيادة حالات الاكتئاب. لذلك عادةً ما يكون العلاج بالضوء هو العلاج المفضل في حالات اضطراب الشتاء العاطفي الموسمي.
اضطراب الصيف العاطفي الموسمي Summer SAD:
بينما يعتبر اضطراب الشتاء العاطفي الموسمي، هو أكثر أنواع اضطرابات الطقس شيوعاً. لكن يعاني بعض الأفراد من اضطراب الصيف العاطفي أيضاً. حيث يلاحظ بعض الأفراد حدوث هجمات من حالات الاكتئاب.
لكن في حالات اضطراب الشتاء، تتمثل الأعراض بحالات من زيادة الشهية للطعام و كثرة النوم. أما في حالات اضطراب الصيف، تتمثل أعراض الاكتئاب، بحالات من اضطراب في النوم و ضعف الشهية للطعام، و من المحتمل خسارة الوزن.
يعاني الأشخاص المصابون بالاضطراب ثنائي القطب في بعض الأحيان من نوبات من الهَوَس، ناجمة عن الطقس الحار. و تشمل هذه النوبات عادةً وجود الكثير من الطاقة و قلة الحاجة للنوم. بالإضافة لتسابق الأفكار و الرغبة في بدء مشاريع جديدة و طموحات متسارعة.
في الحالات الشديدة من نوبات الهوس، قد تتضمن الأعراض نوبات من جنون العظمة و الأعراض الذهانية.
الطقس السيئ قد يجعل تقلبات المزاج أكثر سوءاً:
من الضروري التمييز بين المزاج السيئ و بين حالات الاكتئاب الحقيقية.
فالمزاج السيئ قد يستمر ساعات أو حتى أيام. بينما حالات الاكتئاب تستمر على الأقل أسبوعين متواصلين. و تتضمن أعراض أخرى تتمثل بحالات من الإرهاق و التعب و ضعف التركيز و اضطرابات في النوم.
إذا كنت في مزاج جيد، لن تؤثر حالة الطقس عليك. لكن إن كنت في مزاج سيئ. فإن تقلبات الطقس، ستؤثر سلباً على مزاجك و تفاقم الوضع سوءاً.
كيفية التغلب على تقلبات المزاج الناتجة عن تقلبات الطقس:
يتطلب التكيف النفسي مجموعة من الاستجابات.
- أولاً نحن بحاجة للانتباه و معرفة العوامل الخطيرة التي يشكلها تغير المناخ على الحالة النفسية.
- ثانياً، يتطلب منا تعلم استراتيجيات معينة، للتحكم بمشاعرنا و أفكارنا. حتى نتمكن من مواجهة العواقب الناتجة عن تقلبات الطقس و التصالح معها. بدلاً من تجنب المشكلة المتمثلة في تغير المناخ.
- كما تتطلب مشاركة سلوكية و نفسية. و من خلالها يغير الشخص سلوكه و أسلوب حياته، لحماية نفسه و الحفاظ على صحته النفسية و العقلية.
إدراك المشكلة بحد ذاتها، هي الخطوة الأولى لمواجهتها و التغلب عليها.
هنالك عدة طرق فعالة للتغلب على المشاعر السلبية و حالات الاكتئاب الخفيفة التي لا تحتاج لعلاج طبي.
هنالك عدة طرق فعالة للتغلب على حالات التوتر و الضغوطات اليومية.
أسأل الله تعالى لكم دوام الصحة و العافية. أتمنى أن تكونوا قد وجدتم الفائدة المطلوبة. دمتم بخير
المراجع:
https://www.enlightenedsolutions.com/5-ways-the-weather-can-affect-your-mental-health
https://ijmhs.biomedcentral.com/articles/10.1186/s13033-018-0210-6
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC5918636