عندما تتخذ قراراً، خاصةً إذا كان قراراً مهماً، يأخذ معظم الناس بعض الوقت للنظر في خياراتهم. هذا أمر طبيعي تماماً. لكن ماذا لو، أثناء تقييم خياراتك، لم تتمكن من تحقيق التوازن بين الخيارات؟ بدلاً من ذلك، تقضي وقتاً طويلاً في التفكير في الخيارات المتاحة لك، دون الوصول إلى أي قرار نهائي!
يُطلق على هذا النوع من الإفراط في التفكير اسم: الشلل التحليلي.
مع الشلل التحليلي، قد تقضي الكثير من الوقت في البحث عن الخيارات للتأكد من أنك تتخذ أفضل قرار.
يحدث هذا حتى مع القرارات الصغيرة نسبياً، مثل اختيار الميكروويف المناسب للشراء، أو أي نوع من المعجنات تشتريها من المقهى.
أما بالنسبة للقرارات الأكثر أهمية، مثل قبول عرض عمل معين، فقد تقلق بشأن اتخاذ القرار الخاطئ حتى بعد التفكير بعناية في الإيجابيات والسلبيات. مما قد يتسبب في الكثير من التوتر والضيق.
إليك النصائح التالية لمساعدتك في التغلب على مشكلة الشلل التحليلي و تعزيز اتخاذ القرارات:
تعلم كيفية التعرف على الشلل التحليلي:
بشكل عام، من الجيد التفكير ملياً في الخيارات الكبيرة وتأثيرها المحتمل على حياتك.
إذن، كيف يمكنك التمييز بين اتخاذ القرار بطريقة صحية وبين شلل التحليل؟
إليك ما تقول عنه المعالجة النفسية فيكي بوتنيك، من تارزانا، كاليفورنيا:
“عادةً، تتضمن عملية اتخاذ القرار بناء قائمة من مجموعة كاملة من الاحتمالات بسرعة. ثم، وبنفس السرعة، نبدأ في تضييق هذه القائمة، مستبعدين الخيارات التي تبدو غير مناسبة بشكل واضح.”
وتضيف أن هذه العملية تحدث عادةً خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً. قد تكون المدة النموذجية بضعة أيام، وربما أكثر قليلاً بالنسبة للقرارات الكبيرة. لكن مع الشلل التحليلي، قد تشعر بأنك غارق في الاحتمالات. قتبدو الاحتمالات وكأنها تتوسع باستمرار، بلا نهاية، وجميعها متساوية في الاحتمالية”.
من الطبيعي تماماً أن تشعر بالإرهاق عندما تعتقد أنك بحاجة إلى فصل الخيار الصحيح الوحيد من بين العديد من الخيارات الأخرى.
وإذا كنت تعتقد أن جميع هذه الخيارات لها نفس القدر من الأهمية، فإن الحاجة إلى أخذها جميعاً في الاعتبار بشكل متساوٍ يمكن أن تعطل عملية اتخاذ القرار تماماً!
استكشاف الأسباب المحتملة للإفراط في التفكير:
غالباً ما يكون من المفيد فهم سبب صعوبة اتخاذ القرارات.
- هل سبق و أن اتخذت قراراً لم ينجح كما توقعت؟ إذا كانت هذه الذكرى لا تزال تؤثر عليك، فقد تواجه صعوبة في الوثوق بنفسك لاتخاذ القرار الصحيح هذه المرة.
- هل تقلق بشأن حكم الآخرين عليك بسبب اختيار معين؟
- هل تخشى أن يؤثر “القرار الخاطئ” على مستقبلك أو على علاقاتك مع أحبائك؟ (قد يكون اتخاذ قرار يؤثر على الآخرين أمراً صعباً بشكل خاص).
يجد معظم الناس صعوبة في اتخاذ القرارات من وقت لآخر. لكن إذا وجدت نفسك عالقاً في البحث والتحليل لكل قرار تقريباً، فإن زيادة وعيك بالأسباب التي تدفعك لهذا النمط يمكن أن يساعدك على اتخاذ خطوات لكسر هذا السلوك.
اتخاذ قرارات صغيرة بسرعة:
إذا كنت تجد صعوبة في اتخاذ أي قرار، جرب اتخاذ قرارات دون منح نفسك وقتاً للتفكير. قد يبدو هذا مخيفاً في البداية، لكن كلما مارست ذلك، أصبح الأمر أسهل.
اختبر قدرتك على اتخاذ قرارات سريعة بطرق بسيطة، مثل:
- اختيار مطعم للعشاء دون قراءة المراجعات عبر الإنترنت.
- الخروج في نزهة دون تحديد مسار معين، واترك قدميك تقودك.
- اختيار أول برنامج يظهر على التلفاز يجذب انتباهك، بدلاً من قضاء ساعة في التفكير فيما تشاهده.
يمكن أن يساعدك ممارسة اتخاذ قرارات صغيرة في الشعور براحة أكبر عند اتخاذ قرارات أكبر!
تجنب السماح لاتخاذ القرارات بأن يستهلكك:
قد يبدو التفكير المطول كأفضل طريقة للوصول إلى القرار الصحيح. ولكن الإفراط في التفكير يمكن أن يسبب ضرراً بالفعل.
إذا كنت تكرس معظم طاقتك العقلية لاتخاذ القرارات، فقد تجد صعوبة في التركيز على الدراسة أو العمل أو حياتك الشخصية!
اتباع استراتيجية أكثر فائدة:
- ضع حدوداً زمنية لعملية اتخاذ القرار.
- خصص لنفسك أسبوعاً لاتخاذ القرار، وحدد وقتاً يومياً للتفكير فيه.
أثناء هذا الوقت:
- ركّز فقط على القرار: قم بالبحث، ضع قائمة بالإيجابيات والسلبيات، وهكذا.
- عندما ينتهي الوقت اليومي (على سبيل المثال، 30 دقيقة)، انتقل إلى شيء آخر.
العمل على بناء الثقة بالنفس:
من يعرفك أفضل من أي شخص آخر؟ أنت، بالطبع.
إذا كانت بعض قراراتك السابقة قد جاءت بنتائج غير إيجابية، فقد تميل إلى الشك في نفسك والاعتقاد بأن جميع قراراتك سيئة.
حاول ترك هذا الخوف جانباً و ترك الماضي في الماضي!
بدلاً من ذلك، اسأل نفسك:
- ما الذي تعلمته من تلك القرارات؟
- كيف ساعدتك هذه التجارب على النمو والتطور؟
عزّز ثقتك بنفسك من خلال:
- تشجيع نفسك باستخدام حديث إيجابي مع الذات.
- التفكير في القرارات التي حققت نتائج جيدة في الماضي.
- تذكير نفسك بأن ارتكاب الأخطاء أمر طبيعي ومقبول.
ثق بحدسك:
- لا يجد الجميع سهولة في الوثوق بحدسهم. لكن تلك “المشاعر الداخلية” قد تكون مفيدة جداً… إذا سمحت لها بذلك.
عادةً ما يرتبط الحدس بالتجارب الحياتية والعواطف أكثر من ارتباطه بالمنطق.
إذا كنت تعتمد عادةً على البحث والاستدلال المنطقي لاتخاذ القرارات، فقد تشعر ببعض الشك في السماح لمشاعرك بتوجيهك في القرارات المهمة.
بالطبع، يجب أن تلعب الأدلة والحقائق دوراً في بعض القرارات، مثل تلك المتعلقة بالصحة أو الأمور المالية.
لكن عندما يتعلق الأمر بالقرارات الشخصية، مثل:
- هل تقبل (تقبلين) الارتباط بشخص معين؟
- أو أي مدينة تريد أن تستقر فيها؟
من المهم أن تتوقف وتفكر في شعورك تجاه هذا القرار. مشاعرك تجاه شيء ما فريدة بالنسبة لك، لذا ثق بما يمكن أن تخبرك به عواطفك عن أي موقف.
مارس القبول:
تنقسم عملية القبول عند التعامل مع الشلل التحليلي إلى قسمين:
اقبل انزعاجك:
- اجلس مع هذا الشعور واسمح لنفسك بتجربته.
- قد يدفعك عقلك للاستمرار في التفكير والتحليل، لكن يمكن أن يكون هذا مرهقاً.
اكسر النمط الفكري:
- سيؤدي عدم مقاطعة هذا النمط من التفكير إلى المزيد من الإحباط والشعور بالإرهاق.
التأقلم مع عدم اليقين:
إن العديد من القرارات التي تحتاج إلى اتخاذها في الحياة ستتضمن عدة خيارات جيدة.
اختيار خيار واحد يمنعك من معرفة كيف كانت الخيارات الأخرى قد انتهت، ولكن هذه هي طبيعة الحياة. فالحياة مليئة بالأمور غير المعروفة، وهذا جزء من طبيعتها.
قد يكون عدم اليقين مخيفاً، لكن لا أحد يعرف كيف ستنتهي القرارات في النهاية. لهذا السبب من المهم جداً أن تثق بحدسك وتعتمد على استراتيجيات اتخاذ القرار الجيدة الأخرى.
خذ استراحة:
إن شلل التحليل ينطوي على اجترار الأفكار، أي تكرار نفس الأفكار مراراً وتكراراً. لكن هذا الإفراط في التفكير لا يؤدي عادةً إلى أي رؤى جديدة.
عندما تستمر في تحليل الخيارات بينما تشعر بالفعل بالإرهاق والتعب، فإن هذا هو ما يؤدي في النهاية إلى “الشلل” أو عدم القدرة على اتخاذ القرار.
قد يقول عقلك: “استمر في التفكير”، لكن بدلاً من ذلك، جرب العكس!
ابتعد عن معضلتك من خلال العثور على إلهاء ممتع يساعدك على الاسترخاء. إن هدفك هو تجنب التفكير في القرار لفترة من الوقت.
قد يساعدك القيام بشيء، يتطلب بعض الجهد العقلي، مثل:
- قراءة كتاب أو ممارسة هواية ممتعة أو حتى التمارين الرياضية.
- تمارين اليقظة الذهنية، مثل تمارين اليوغا أو التأمل، أو النشاط البدني، يمكن أن تساعدك أيضاً على تشتيت انتباهك.
إن الممارسة المنتظمة لليقظة الذهنية، يمكن أن تواجه الإفراط في التفكير من خلال تعليمك كيفية مراقبة الأفكار المشتتة أو المزعجة، دون انتقاد نفسك أو الشعور بالإرهاق بسببها.
المراجع:
https://www.psychologytoday.com/us/blog/fixing-families/201904/do-you-have-analysis-paralysis
https://www.healthline.com/health/mental-health/analysis-paralysis#self-confidence
https://health.clevelandclinic.org/analysis-paralysis