
أسعد الله أوقاتكم بكل خير إخوتي الكرام من مختلف أنحاء العالم.
إذا توقفت وفكرت في الأمر، فإن الدغدغة تعد أمراً غريباً نوعاً ما، أليس كذلك؟ فهي ليست بالضرورة ممتعة، ولكن لا يمكنك التوقف عن الضحك أيضاً.
ما الذي يحدث هناك بالضبط؟!
إن استجابة جسمك للدغدغة هي استجابة معقدة وغامضة إلى حد ما، كما تقول طبيبة الأسرة الدكتورة نيهالا فياس. ومع ذلك، حاول بعض الباحثين فهم هذه الظاهرة. وتشرح الدكتورة فياس العلم وراء الشعور بالدغدغة، بما في ذلك نوعين مختلفين منها وما يعتقده دماغك أنه يحدث عندما يتم دغدغتك.
لماذا نشعر بالدغدغة؟
إن تحفيز الدغدغة ينشط منطقة صغيرة في دماغك تُسمى تحت المهاد (hypothalamus). وهي تقع مباشرة فوق جذع الدماغ عند قاعدة دماغك. رغم أن حجمها لا يتجاوز حجم اللوزة، إلا أن لها دوراً كبيراً، فهي مسؤولة عن العواطف ورد فعل جسمك تجاه الخطر والمواقف المجهدة، والمعروف باسم استجابة “القتال أو الهروب”.
“يتحكم تحت المهاد في اندفاع الأدرينالين الذي تشعر به عندما يحدث شيء مفاجئ أو مثير أو تحدي لك”، كما توضح الدكتورة نيهالا فياس، “لذا فهو مهيأ لحمايتك”.
يصبح تحت المهاد في حالة تأهب قصوى عندما يعتقد أنك في خطر أو تواجه نوعًا من التهديد. وهذا قد يفسر لماذا تثير الدغدغة في الأماكن الحساسة أقوى ردود الفعل. وقد يفسر أيضاً لماذا لا يمكنك دغدغة نفسك: فدماغك لا يسجل يديك كتهديد خارجي!
إذاً لماذا لا نستطيع دغدغة أنفسنا؟
لأننا عندما نفعل ذلك، تكون الحركة متوقعة. وعندما نستطيع توقع الإحساس، يتم إلغاء رد فعل الضحك.
لكن لماذا الضحك؟ بالتأكيد يبدو ذلك رد فعل غريب على تهديد محتمل. الباحثون ليسوا متأكدين تماماً لماذا تنتج أجسامنا هذا الرد بالتحديد (على الرغم من أنهم ما زالوا يدرسون الأمر). لكن اتضح أننا لسنا الوحيدين. يبدو أن الحيوانات في عائلة الغوريلا تمتلك بعض ردود الفعل النموذجية تجاه الدغدغة كما نفعل نحن!
أكثر الأماكن التي تكون حساسة للدغدغة هي أيضاً الأماكن الأكثر حساسية في جسمك، مثل:
- القدمين
- الرقبة
- المعدة
- تحت الإبطين
- القفص الصدري
أنواعها:
ليس كل أنواع الدغدغة متشابهة. هناك في الواقع نوعان مختلفان منها، وكل منهما يحمل اسماً علمياً.
- Gargalesis الدغدغة الثقيلة: هو النوع الذي يتم عن طريق اللمس المباشر بالأيدي، ويجعلك تضحك وتتحرك بعصبية. بعض الأشخاص يجدون هذا النوع غير مريح أو مؤلم، حتى لو كانت استجابتهم بالضحك.
- Knismesis الدغدغة الخفيفة: مثل اللمس بريشة أو بلمسة ناعمة، وبناءً على مستوى حساسيتك، قد تشعر بالحكة أو التهيج أو حتى بالمتعة. فكّر في الشعور الذي تحس به عندما تلامس بشرتك شعرة متناثرة أو حشرة تهبط عليك. قد يجعلك ذلك تقول: هذا الشيء يدغدغ، لكنه لا يثير الضحك مثل الدغدغة بالأيدي.
لماذا توجد مناطق حساسة للدغدغة؟
تشير الدراسات على أن أكثر المناطق شيوعاً للحساسية للدغدغة في البشر (كما وضحنا سابقاً) هي باطن القدمين، والإبطين، ومنطقة القفص الصدري. يُعتقد أن السبب في ذلك هو وجود كثافة أعلى من الأعصاب الحسية في هذه المناطق. مما يجعل التحفيز أكثر سهولة. ومع ذلك، لا يزال هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتأكيد ذلك.
هل يستجيب جميع الأفراد بنسبة واحدة؟
لا، ليس الجميع حساساً للدغدغة. تختلف الاستجابة من شخص لآخر. بعض الأشخاص حساسون جداً لدرجة أن رؤية الأصابع المتحركة تقترب، قد تجعلهم يتحركون بعصبية. بينما بالكاد يتفاعل الآخرون!
بعض الأشخاص حساسون جسدياً أكثر من غيرهم، أي أن لكل شخص كثافة عصبية مختلفة. إضافةً لذلك فإن العوامل الوراثية قد تلعب دوراً أيضاً في مدى الحساسية للدغدغة.
تشمل العوامل التي تؤثر على درجة حساسيتك ما يلي:
- حساسية الجلد: بعض الأشخاص لديهم جلد أكثر حساسية من الآخرين، مما يجعلهم أكثر عرضة للدغدغة.
- الحالة المزاجية: قد يجعلك القلق أكثر عرضة للدغدغة، بينما قد تجعلك مشاعر مثل الغضب أقل استجابة.
- الحالات الطبية: أي حالة تؤثر على الأعصاب قد تؤثر على استجابة الشخص للدغدغة. فالأشخاص الذين يعانون من الاعتلال العصبي، (حيث لا تعمل نهايات الأعصاب لديهم بشكل جيد)، قد لا يشعرون بالكثير من الإحساس في مناطق معينة من الجسم. وبالتالي هذا يقلل من حساسيتهم للدغدغة.
لكن من ناحية أخرى، يمكنك تدريب نفسك لتكون أقل حساسية. يتطلب ذلك جهداً متعمداً في اللحظة نفسها، من خلال البقاء مسترخياً، ومركِّزاً، ومسيطراً. كما أن التنفس العميق خلال اللحظة قد يساعد أيضاً.
هل الأطفال أكثر استجابة للدغدغة بالمقارنة مع البالغين؟
نعم، الأطفال عادةً ما يكونون أكثر حساسية للدغدغة من البالغين. لكن لا يوجد بحث قوي يفسر السبب. تقول الدكتورة فياس إن انخفاض حساسيتك للدغدغة مع التقدم في العمر قد يكون بسبب تغييرات في وظيفة الأعصاب والحساسية.
قد يكون السبب أيضاً أن الأطفال يرون الدغدغة كنوع من التفاعل المرح والممتع. بينما يجدها البالغون أكثر تدخلاً وأقل متعة.
هل التعذيب بالدغدغة هو أمر حقيقي؟
إذا سمعت من قبل عبارة “تعذيب بالدغدغة”، قد تعتقد أنها مجرد طريقة لطيفة. لكنها في الواقع شيء حقيقي! فالدغدغة الشديدة والمستمرة يمكن أن تؤدي إلى نقص الأكسجين. مما يعني أن الدماغ لا يحصل على كمية كافية من الأكسجين!
حتى عندما لا تكون الدغدغة بهذه القسوة، فإن العديد من الناس لا يجدونها ممتعة. قد يكون هذا مرتبطاً بكيفية استجابة الأعصاب لهذا الإحساس. حيث اكتشف العلماء أنها تحفز الأعصاب التي تشير إلى الألم. هذا الإحساس بالألم، إلى جانب تنشيط استجابة القتال أو الهروب، يمكن أن يجعل الدغدغة غير مريحة.
أما بالنسبة للضحك، فتُشير الأبحاث إلى أنه قد يكون رد فعل لا إرادي وليس علامة على المتعة. لذا، لا تدع الضحك يخدعك لتعتقد أن الدغدغة تجربة سعيدة بالنسبة للشخص الذي يتعرض لها. كن دائماً لطيفاً، احترم حدود الآخرين وتوقف للسماح لهم بالتقاط أنفاسهم 🙂
المراجع:
https://www.medicalnewstoday.com/articles/322100
https://health.clevelandclinic.org/why-are-people-ticklish
https://www.prevention.com/health/a60501754/why-are-we-ticklish