مرض قضمة الصقيع أو التي تُعرف أيضاً باسم داء الأمطلس هي عبارة عن إصابة تحدث نتيجة تجمّد الجلد و الأنسجة الداخلية.
إن داء الأمطلس أكثر شيوعاً في أصابع اليدين و القدمين و الأنف و الأذن و الخدين و الذقن. فكما يتحول الماء إلى جليد عندما تنخفض درجات الحرارة كثيراً، كذلك الأطراف تتجمد عند التعرض للبرودة الشديدة.
في البداية يكون الضرر الناتج عن داء الأمطلس خفيفاً و غير دائم، أي قابل للعلاج بواسطة الخطوات الإسعافية الأولية بما في ذلك تدفئة الجلد. أما أنواع الأمطلس الأخرى أي الأكثر شدة تتطلب عناية طبية نتيجة حدوث ضرر للجلد و الأنسجة و العضلات و العظام. و من المضاعفات المحتملة الناتجة عن حالات الأمطلس الشديدة تتضمن حدوث عدوى و تلف للأعصاب و الذي قد ينتهي ببتر الأطراف أحياناً!
أعراض داء الأمطلس (قضمة الصقيع):
تتضمن الأعراض ما يلي:
- في البداية برودة في الجلد و خدر في الأطراف.
- تغيير لون الجلد (أحمر ثم أصفر ثم أزرق ثم أسود).
- تصلب المفاصل و العضلات.
- في الحالات الشديدة، حدوث تقرحات بعد إعادة تدفئة الجلد.
يحدث داء الأمطلس على عدة مراحل:
المرحلة الأولى و هي خفيفة:
تلاحظ وجود شحوب في البشرة و تغيّر لون الجلد إلى اللون الأحمر و الشعور بالبرودة الشديدة.
عندما تبدأ البشرة بالدفء، قد تشعر بالألم و الوخز (التنميل أو الخدران). و في هذه المرحلة يكون الضرر بسيطاً و لا يؤدي لتلف دائم للجلد.
المرحلة الثانية السطحية من الأمطلس:
يتحول لون الجلد من اللون الأحمر إلى الأبيض الباهت (الشاحب). قد يبقى الجلد مرناً لكن تتشكل بعض بلورات الثلج داخل الأنسجة. كما قد تشعر بسخونة في الجلد و هو مؤشر على تطور حالة صحية خطيرة داخل الجلد.
إذا قمت بعلاج قضمة الصقيع عن طريق تدفئة الجلد كما في المرحلة الأولى السابقة، سوف تبدو البشرة زرقاء أو أرجوانية اللون. كما قد تلاحظ تورّم و انتفاخ الجلد يرافقه الإحساس بحرقة في الجلد. قد تظهر بعض التقرحات الممتلئة بسائل خلال 24-36 ساعة بعد تدفئة الجلد.
المرحلة الثالثة و هي قضمة الصقيع العميقة و الشديدة:
مع تضاعف حالة الأمطلس، يؤدي ذلك للتأثير على باقي طبقات الجلد الداخلية بما في ذلك الأنسجة التي توضع في الطبقات الداخلية.
قد تعاني من الخدر و فقدان الإحساس الناتج عن البرودة بالإضافة إلى الألم و عدم الراحة في المنطقة المصابة. أما بالنسبة للعضلات و المفاصل، قد لا تستطيع القيام بعملها بعد الآن. بالإضافة لتشكل تقرحات كبيرة خلال يوم أو يومين من تدفئة الجلد. بعد ذلك، يتحول لون المنطقة المصابة للون الأسود و يتصلّب الجلد نتيجة تلف و موت الأنسجة الداخلية.
متى يجب عليك زيارة الطبيب:
- عند وجود أعراض المرحلة الثانية أو الثالثة من الأمطلس كشحوب البشرة و الخدران و ظهور التقرحات.
- زيادة الألم و التورم و خروج مفرزات من المنطقة المصابة.
- ارتفاع درجة الحرارة و الإصابة بالحمى.
- ظهور أعراض أخرى جديدة أو غريبة.
- يجب الحصول على العناية الطبية مباشرة عند توقع حدوث انخفاض في درجة حرارة الجسم، و هي عبارة عن الحالة الصحية التي يتم فيها انخفاض درجة حرارة جسمك بشكل سريع، و تتضمن أعراض انخفاض درجة حرارة الجسم ما يلي:
- الدوار و فقدان الوعي.
- الارتعاش الشديد.
- الكلام المدغم غير الواضح.
آلية و أسباب قضمة الصقيع (الأمطلس):
يعمل الجسم للبقاء على قيد الحياة بالدرجة الأولى، و من ثم للحفاظ على أدائه و وظائفه.
عند التعرض للبرودة الشديدة لفترة طويلة من الزمن، يحدث ما يلي:
- يُرسل الدماغ إشارات للأوعية الدموية في الذراعين و الساقين لتتقلص و تتضيق.
- عندما ينخفض تدفق الدم إلى البشرة، يتمكن الجسم من إرسال كمية أكبر من الدم إلى الأعضاء الحية لتزويدها بالأغذية الأساسية، و يمنع أيضاً المزيد من انخفاض درجة حرارة الجسم الداخلية عن طريق تعريض كمية أقل من الدم للبرودة الخارجية.
- مع استمرار هذه المرحلة، فإن الأطراف (الأجزاء البعيدة عن القلب) تصبح أكثر برودة.
- ثم تقوم الأوعية الدموية بالتمدد لفترة من الزمن، ثم تنقبض مجدداً. حيث يتم تبادل الأدوار بين انقباض و تمدد الأوعية الدموية في سبيل الحفاظ على الوظائف الحيوية لأطراف الجسم أكبر قدر ممكن.
- عندما يشعر الدماغ بأن الجسم أصبح في حالة خطيرة من انخفاض درجة حرارة الجسم الداخلية، تنقبض الأوعية الدموية بشكل دائم لمنع دوران الدم البارد للأعضاء الداخلية. و عندما يحدث ذلك، تكون بداية داء الأمطلس أو قضمة الصقيع.
تحدث قضمة الصقيع على أحد الشكلين التاليين:
إما موت الخلايا عند التعرض للبرودة مباشرةً، أو نتيجة تدهور الخلايا أولاً ثم موتها بسبب نقص الأوكسيجين.
في الحالة الأولى:
تتشكل بلورات من الجليد في الفراغ الذي يحيط بخارج الخلية. فيتم فقدان الماء من داخل الخلايا و يحدث الجفاف و تموت الخلايا.
أما في الحالة الثانية:
يحدث تلف في البطانة الداخلية للأوعية الدموية الموجودة في الأطراف، و مع عودة التدفئة و تدفق الدم مجدداً للأطراف، نجد أن الأوعية الدموية قد تعرضت للتلف نتيجة البرودة الشديدة. فيحدث تسرب للدم من جدران الأوعية الدموية إلى الأنسجة.
تتشكل خثرات صغيرة من الدم في أصغر الأوعية الدموية الموجودة في الأطراف. و نتيجة المشاكل في تدفق الدم المحمل بالأوكسيجين للخلايا و الأنسجة، يحدث مضاعفات تؤدي للالتهابات التي تسبب لاحقاً التلف للأنسجة، و هو ما يحدث في نهاية المطاف و هذه الحالة هي الأكثر شيوعاً للأمطلس.
إن من الأسباب الأكثر شيوعاً لحدوث هذا المرض هو التعرض للطقس البارد. لكن قد تحدث أيضاً نتيجة التعرض المباشر (الملامسة المباشرة) للثلج أو المعادن شديدة البرودة.
أسباب حدوث داء الأمطلس:
- ارتداء ملابس غير مناسبة للجو الذي تتواجد فيه، أي غير كافية للطقس البارد أو الرياح أو الرطوبة، أو أن الملابس ضيقة جداً.
- البقاء في الخارج في الطقس البارد لفترة طويلة من الزمن كالأشخاص الذين لا مأوى لهم.
- تزداد الخطورة مع انخفاض درجة حرارة الطقس تحت (- 15) درجة مئوية, حتى لو كانت سرعة الرياح قليلة. أما في الرياح الباردة عندما تكون درجة الحرارة (- 27) درجة مئوية قد تصاب بداء الأمطلس عند التعرض للبرودة لمدة 30 دقيقة فقط.
- ملامسة مواد باردة جداً كالثلج أو المعادن المتجمدة و غيرها من الأدوات شديدة البرودة.
العوامل الخطيرة المؤدية للإصابة بقضمة الصقيع:
- الحالات الصحية التي تؤثر على قابلية جسمك للإحساس أو الاستجابة للبرودة، كالتجفاف أو داء السكري أو ضعف تدفق الدم في الأطراف.
- إدمان الكحول أو المخدرات.
- التدخين.
- بعض المشاكل العقلية التي تؤثر على الحكم السليم و ردود أفعالك تجاه البرودة.
- التعرض سابقاً لداء الأمطلس.
- الرضّع أو الكبار في السن، كلا المرحلتين العمرية تعاني صعوبة في إنتاج و تنظيم حرارة الجسم الداخلية.
- وجودك على مرتفعات عالية بحيث تقلل إمدادات الأوكسيجين لبشرتك.
المضاعفات الناتجة عن الإصابة بقضمة الصقيع (داء الأمطلس):
- زيادة الحساسية للبرودة.
- زيادة خطورة حدوث داء الأمطلس مجدداً.
- الخدر في الأطراف لفترة طويلة من الزمن.
- حدوث تغيرات في الغضاريف بين المفاصل (التهاب المفاصل نتيجة قضمة الصقيع).
- تشوهات في النمو للأطفال، إذا سبّب داء الأمطلس لحدوث تلف في صفائح نمو العظام.
- العدوى و الالتهابات.
- الكزاز.
- الغرغرينا و هي عبارة عن موت الأنسجة نتيجة انقطاع تدفق الدم عن المنطقة المصابة و التي تؤدي لبتر الأطراف.
إن التعرض للبرودة الشديدة الكافية لحدوث قضمة الصقيع، يؤدي أيضاً لحدوث انخفاض درجة حرارة الجسم الداخلية.
عندما تهبط درجة حرارة الجسم الداخلية، فإن القلب و الجهاز العصبي و غيره من الأعضاء لا يستطيع القيام بعمله على أكمل وجه. فإذا لم يتم علاج هذه الحالة سريعاً، يؤدي انخفاض درجة حرارة الجسم إلى فشل كامل في القلب و الجهاز التنفسي و من ثم الموت.
الاختبارات و التشخيص:
يتم تشخيص داء الأمطلس عادةً بالاعتماد على الأعراض و مظهر الجلد و التعرض الأخير للبرودة.
قد يقوم الطبيب بإجراء بعض الفحوصات أيضاً كالأشعة السينية و التصوير بالرنين المغناطيسي لتحديد شدة قضمة الصقيع و للتأكد من وجود تلف في العظام أو العضلات.
علاج داء الأمطلس (قضمة الصقيع):
يتضمن العلاج إجراء الخطوات الإسعافية الأولية بالإضافة للعلاج الطبي، و ذلك بالاعتماد على شدة الأمطلس لديك.
الإسعافات الأولية لعلاج الأمطلس:
- التأكد من عدم وجود مؤشرات انخفاض درجة حرارة الجسم الداخلية. و في حال الشك من وجود ذلك يجب الاتصال بالإسعاف مباشرةً.
- حماية الجلد من التعرض للمزيد من البرودة. إذا كنت خارج المنزل، يجب الحرص على تدفئة يديك المصابة بالأمطلس جيداً و ذلك عن طريق ارتداء القفازات و حمايتهم بين ذراعيك أو في جيوبك مثلاً. كذلك الأمر بالنسبة لحماية الأنف و الأذنين عن طريق تغطيتهم جيداً بوشاح سميك و قبعة.
- لا تفرك المنطقة المتضررة مما يؤدي لزيادة الوضع سوءاً.
- عند الدخول للمنزل أو أي مكان في الداخل، اخلع ملابسك الباردة على الفور (المعطف و القفازات و الوشاح و القبعة). و حاول بلطف تدفئة المناطق المتضررة.
- انقع يديك أو قدميك في الماء الدافئ و ليس الحار (37 – 42) درجة مئوية، و ذلك لمدة 15-30 دقيقة.
- لا تقوم بتدفئة المناطق المتضررة بواسطة تطبيق حرارة مباشرة كالمدفأة أو حرارة النار أو المصباح، فهذه الوسائل قد تحوّل الإصابة لحروق.
- تناول الأدوية المسكنة للألم التي لا تحتاج لوصفة طبية مثل مادة الإيبوبروفين و ذلك لتخفيف الألم و الالتهاب.
- تجنب المشي قدر الإمكان إذا كانت أصابع قدميك هي المتضررة، فذلك قد يؤدي لتلف الأنسجة.
العلاج الطبي:
- يقوم الطبيب بتغطية أماكن الإصابة بلطف بواسطة قماش معقم، و ذلك لحماية الجلد من العدوى أو المضاعفات.
- قد تحتاج إلى جبيرة إذا كان الضرر قد تطور إلى العظام و العضلات، كما قد تحتاج لرفع المنطقة المصابة لتحسين تدفق الدم إليها.
- إزالة الأنسجة التالفة: حتى يتم الشفاء بشكل فعال، فإن منطقة قضمة الصقيع تحتاج للتحرر من الأنسجة التالفة أو الميتة التي تغطيها. و للتمييز بين الأنسجة الصحية و التالفة أو الميتة، قد ينتظر الطبيب لبضعة أشهر قبل إزالة الأنسجة المتضررة.
- المضادات الحيوية: لعلاج تقرحات الجلد أو المناطق المتضررة المصابة بعدوى، قد يصف لك الطبيب بعض المضادات الحيوية الفموية.
- أدوية مضادة للتخثر: قد يصف الطبيب أدوية مضادة للتخثر لتحسين تدفق الدم إلى المناطق المصابة. لكن هذه الأدوية قد تسبب نزف خطير و لذلك يتم استخدامها فقط في الحالات الشديدة و خلال 24 ساعة فقط من التعرض للإصابة.
- الجراحة: في الحالات الشديدة، فإن العمليات الجراحية أو بتر الأطراف قد يعتبر ضرورياً لإزالة الأنسجة الميتة.
- العلاج بواسطة الضغط العالي من الأوكسجين: و ذلك يتضمن تنفس المريض للأوكسيجين النقي ضمن غرفة خاصة تحت ضغط معين. أظهرت هذه الطريقة بعض النتائج الفعالة بالنسبة لبعض المرضى، لكنها لا زالت بحاجة للمزيد من الدراسات.
نصائح و علاجات منزلية:
- تناول الأغذية الصحية و احصل على كمية وفيرة من الماء و السوائل الدافئة للحفاظ على رطوبة الجسم.
- ارتدي ملابس جيدة قبل الخروج من المنزل و تجنّب البقاء في الخارج لفترات طويلة من الزمن.
- ارتدي جوارب سميكة.
- دهن المناطق المتضررة بكريم الألوفيرا (الصبار) عدة مرات يومياً.
- تجنب تناول الكحول و المنبهات الحاوية على الكافئين بمختلف أنواعها.
- حافظ على نشاطك و حركتك الدائمة، فذلك يعزز التروية الدموية في الجسم و يحافظ على حرارة جسمك الداخلية.
يحتاج العلاج مدة زمنية تتراوح من عدة أسابيع إلى عدة أشهر بناءً على شدة الحالة و مدى الضرر الناتج.
أتمنى أن تكونوا قد وجدتم الفائدة المطلوبة و شكراً للمتابعة.
المراجع:
http://www.webmd.com/skin-problems-and-treatments/frostbite-how-spot-treat-prevent#1
http://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/frostbite/basics/definition/con-20034608
http://www.emedicinehealth.com/frostbite/article_em.htm
https://medlineplus.gov/ency/article/000057.htm
http://patient.info/health/frostbite-leaflet
الصورة المرفقة:
https://www.flickr.com/photos/bryanrusch/