تعتمد تقوية الذاكرة على صحة و حيوية الدماغ. سواءً كنت طالباً تحضر للامتحان، أو صاحب عمل و مهتم في القيام بكافة الأساليب التي تحافظ على نشاط عقلك، أو كنت شخصاً مسناً تبحث عن العوامل التي تحفز ذاكرتك و تحافظ على مهاراتك العقلية مع التقدم في السن، هنالك العديد من الأساليب التي تعزز الذاكرة و الأداء العقلي.
- اكتشف العلماء إمكانية تعلم مهارات جديدة حتى مع التقدم في السن. فالعقل يتمتع بقدرة هائلة على التأقلم و التغيير حتى مع الأشخاص المسنين. هذه القابلية تعرف بالمرونة العصبية. و بإمكانك تدريب عقلك لزيادة المرونة العصبية بشكل طبيعي، و بالتالي زيادة قدراتك المعرفية، و تعلم مهارات جديدة، و تقوية الذاكرة في أي مرحلة عمرية.
- مع التحفيز الصحيح، يستطيع الدماغ إنشاء مسارات عصبية جديدة تؤثر على الاتصالات الدماغية الموجودة، و تتكيف و تتفاعل بطرق متغيرة باستمرار.
- في الوقت الذي تصل فيه لمرحلة البلوغ، يكون الدماغ لديك قد قام بتطوير ملايين المسارات العصبية، التي تساعدك على معالجة و تذكر المعلومات بسرعة، و حل المشاكل المألوفة، و تنفيذ المهام البسيطة دون أي جهد عقلي. لكن في حال اعتمادك فقط على هذه المهام البسيطة و المسارات العصبية المطروقة، فأنت لا تقدم لدماغك التحفيز الذي يحتاجه لمتابعة النمو و التطور.
- الذاكرة مثل القوة العضلية، تحتاج أن تستخدمها لتحافظ على نشاطها، و إلا سوف تضعف و تضمر و تفقدها. كلما استخدمت عقلك و طورته، زادت قدرتك على معالجة و تذكر المعلومات. لكن ليست جميع النشاطات متساوية.
أساليب تقوية الذاكرة و زيادة التركيز:
اختيار نشاط أو هواية أو تمرين محفز للدماغ على أن يتمتع بالعناصر التالية:
أفضل التمارين للدماغ هي التي تعتمد على كسر الروتين، و تحدي نفسك لاكتشاف و تطوير مسارات دماغية جديدة. و تتضمن العناصر الأساسية لتعزيز نشاط الدماغ جيداً ما يلي:
أن يكون الأمر الذي تفعله يعلمك شيئاً جديداً:
حتى لو كان النشاط الذي اعتدت على عمله يتطلب تفكيراً كثيراً، لكن طالما اعتدت عليه، فهو ليس بتمرين جيد للدماغ. النشاط الذي أقصده يجب أن يكون شيئاً غير مألوفاً، و خارج منطقة الراحة الخاصة بك. لتقوية الدماغ، أنت تحتاج للاستمرار في التعلم و اكتساب مهارات جديدة.
أن يكون الأمر الذي تفعله صعباً:
أفضل النشاطات التي تحفز الدماغ هي التي تتطلب انتباهك و تركيزك الكلي. ليس كافياً أن تجد هذا النشاط صعباً أو يشكل تحدياً عند درجة معينة فقط. بل يجب أن يكون شيئاً يتطلب جهد عقلي. على سبيل المثال تعلم عزف مقطوعة موسيقية جديدة. (بل عزف مقطوعة صعبة كنت قد تعلمتها سابقاً، لا يفيد).
أن يكون الأمر الذي تفعله عبارة عن مهارة يمكنك متابعتها:
ابحث عن النشاطات التي تسمح لك أن تبدأ في مستوى سهل بسيط، و تعمل عليه و تعزز مهارتك تدريجياً حتى تتمكن من الاستمرار في توسيع قدراتك. عندما تبدأ بالشعور أن هذه المرحلة من النشاط أصبحت سهلة بالنسبة لك، يجب الانتقال للمستوى الأعلى من الأداء.
أن يكون الأمر الذي تفعله يستحق ذلك:
فالمكافآت تدعم عملية التعلم في الدماغ. كلما ازداد استمتاعك في النشاط، ازدادت رغبتك في المتابعة، و ازدادت الفائدة و الخبرة التي تكتسبها. لذلك قم باختيار النشاطات التي حتى لو كانت صعبة، تبقى ممتعة بالنسبة لك.
فكر بأمور جديدة لطالما رغبت بتعلمها أو تجربتها، كتعلم العزف على آلة موسيقية أو لعبة الشطرنج أو تعلم لغة جديدة أو ممارسة رياضة معينة أو رقصة جديدة. أي من هذه النشاطات التي ذكرتها يقوي الذاكرة، و يمكنك تطويرها و التقدم لمستويات عالية بها، فالعلم لا يقف عند مستوى معين أو سن معين.
و في حال عدم توفر أي مما سبق، عليك الاعتماد على التطبيقات و برامج الانترنت التي تتنشط الدماغ و تقوي الذاكرة و ترفع مستويات الانتباه و التركيز من خلال المتابعة اليومية لمدة عشرة دقائق على الأقل.
الحفاظ على أداء التمارين الرياضية:
على الرغم من أهمية التمارين العقلية لصحة الدماغ، فإن للتمارين البدنية دورها الفعال كذلك في الحفاظ على أداء الدماغ. حيث تعمل على زيادة الأوكسيجين لخلايا الدماغ، و تقلل من خطورة الاضطرابات التي قد تؤدي لفقدان أو ضعف الذاكرة، كداء السكري و أمراض القلب و الأوعية الدموية. كما تقوم التمارين الرياضية بزيادة فعالية النواقل العصبية الكيميائية الدماغية، و تقلل من مستويات هرمون التوتر و تنشط الاتصالات العصبية الجديدة.
نصائح لاختبار نوع و أداء التمارين الرياضية المنشطة للدماغ:
- التمارين الهوائية (الأيروبيك) تعتبر جيدة للدماغ. لذلك عليك اختيار التمارين التي تحافظ على ضخ الدم. بشكل عام، التمارين الجيدة لصحة القلب هي نفسها الجيدة للدماغ.
هل يستغرق الأمر وقتاً طويلة لإزالة ضباب و آثار النوم عند الاستيقاظ؟ إذا كنت كذلك، أنصحك بالبدء بالتمارين الرياضية في الصباح قبل أداء أي أمر آخر، فذلك سوف يحدث فرقاً كبيراً.
- إن التمارين الرياضية التي تتطلب المشاركة بين اليد و العين معاً أو تتطلب مهارات حركية معقدة، أيضاً تُعتبر من التمارين الجيدة لصحة الدماغ.
بعد التوقف عن التمارين الرياضية بعدة ساعات، سوف يعود إليك التعب العقلي السابق، و الوهن و الركود بعد الظهر. لذلك عليك بالمشي و لو لفترة قصيرة فقط، أو إجراء بضعة قفزات مساءً، كفيلة بإعادة الحماس و النشاط للدماغ. أي باختصار المهم أن تبقي جسمك في حالة نشاط و تتجنب الخمول و الكسل.
الحصول على ساعات كافية من النوم:
إن 95% من البالغين، بحاجة ل 7-9 ساعات من النوم كل ليلة، حتى يتمكنوا من الحفاظ على صحة أجسامهم و عقلهم بشكل فعال، و يتجنبوا التأثيرات السلبية الناتجة عن قلة النوم.
التقتير في بضعة ساعات من النوم، يُحدث فرق كبير أكثر مما تتصور. فالذاكرة و الإبداع و المهارات و القدرة على حل المشاكل، جميعها تتأثر بعدد ساعات النوم. لكن النوم من الأمور البالغة الأهمية، عندما يتعلق الأمر بمسألة التعلم.
تشير الأبحاث لضرورة النوم لتقوية الذاكرة، فالنشاط الرئيسي لتوطيد الذاكرة يحدث أثناء مراحل النوم العميق.
الالتزام بمواعيد نوم منتظمة يومياً:
يجب أن يعتاد جسمك على الذهاب للنوم في نفس الموعد يومياً، و الاستيقاظ في نفس الموعد أيضاً، لضبط الساعة الفيزيولوجية الداخلية على ذلك. حاول عدم كسر هذا الروتين، حتى أيام عطل آخر الأسبوع و في الإجازات.
تجنب جميع الشاشات قبل ساعة من موعد النوم على الأقل!
فالأشعة الزرقاء الصادرة عن التلفاز أو الموبايل أو الكومبيوتر و مختلف الأجهزة الالكترونية، تحفز على الاستيقاظ و تثبط بعض الهرمونات المسؤولة عن النوم كهرمون الميلاتونين.
تخصيص وقت محدد للأصدقاء:
عندما تفكر بأساليب تعزيز الذاكرة، هل تفكر بسلسة من النشاطات كتركيب قطع البازل (الألغاز) أو تعلم استراتيجيات جديدة في لعبة الشطرنج؟ هذا صحيح و فعال. لكن من ناحية أخرى أظهرت الأبحاث أن قضاء بعض الوقت مع الأصحاب له فوائد معرفية كذلك. فالعلاقات الاجتماعية تحفز الدماغ، و في الحقيقة فإن التفاعل فيما بيننا يعتبر أفضل أنواع التمارين للدماغ.
في دراسة من مدرسة هارفرد للصحة العامة، وجد الباحثون أن الأفراد الذين يتمتعون بعلاقات صداقة متينة، هم أكثر حيوية سواءً على المستوى النفسي و البدني بالمقارنة مع غيرهم.
التحكم بحالات التوتر و الضغوطات:
يعتبر التوتر من أسوأ أعداء الدماغ. مع مرور الزمن فإن التوتر المزمن يتلف الخلايا الدماغية، و يؤثر على موضوع الذاكرة و التعلم.
نصائح للتحكم بحالات التوتر:
- تحديد مهام منطقية قابلية للتطبيق.
- الحصول على عدة استراحات قصيرة بين فترات العمل خلال اليوم.
- التعبير عن مشاعرك بحرية بدلاً من أن تكتمها داخلك.
- التركيز على أداء مهمة واحدة فقط في نفس الوقت، بدلاً من محاولة القيام بعدة مهام معاً.
- وضع توازن صحي بين فترات العمل و الفراغ.
اضحك 🙂
هل سمعت أن الضحك هو أفضل دواء للدماغ و الذاكرة و صحة الجسم عموماً؟ على عكس الاستجابات العاطفية التي تقتصر على مناطق محددة من الدماغ، فإن الضحك يرتبط بعدة مناطق عبر الدماغ كله.
عليك أنت أن تجدد نفسيتك لا أحد آخر:
- استمع لنكتة أو شاهد مقاطع مضحكة.
- ابحث عن الطرق التي تدخل البهجة و الضحك لحياتك.
- عندما تسمع صوت ضحك، اذهب نحوه.
- رافق الأشخاص الإيجابيين.
- نظف البيئة المحيطة بك من كافة مظاهر السلبية.
- احرص على قضاء أوقات ممتعة مع أشخاص تحبهم.
- انتبه لتصرفات الأطفال و عفويتهم و طريقة مرحهم. ببساطة تعلم منهم. فذلك كله يفيد الدماغ و يعزز نشاطه.
الانتباه لنوعية الأطعمة المتناولة و الحرص على اتباع نظام غذائي صحي لتقوية الدماغ:
فكما يحتاج الجسم للوقود، كذلك هو الدماغ. في مقالة سابقة تم التحدث عن الأغذية التي تدعم أداء الدماغ و الذاكرة، لكن فيما يتعلق بالدماغ، الأمر لا يقتصر فقط على الأطعمة التي تتناولها، بل على الأطعمة التي تتجنبها أيضاً.
مثال عن الأغذية الصحية للدماغ و الأطعمة التي يجب تجنبها:
- الأوميغا3 من مختلف مصادرها سواءً الأسماك أو التونا أو المكسرات أو البروكلي و البقوليات.
- تناول الخضروات و الفاكهة و الشاي الأخضر و شاي النعناع.
- تناول المتممات الغذائية الضرورية لصحة الدماغ و تتضمن ما يلي: أوميغا3، فيتامين ه، الجينكو بيلوبا، أستيل كارنيتين، الجينسينغ. لكن يجب استشارة الطبيب أو الصيدلي قبل تناول المتممات الغذائية، و إعلامهم في حال وجود مشاكل صحية أو تناول بعض العقاقير الطبية.
- تجنب الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة، كاللحوم الحمراء أو الحليب و الجبنة كاملة الدسم.
- تجنب الأطعمة المصنعة و السكريات و الأملاح.
الاهتمام بصحة الجسم عموماً و مراقبة المشاكل الصحية في حال وجودها و التحكم بها:
فالجسم عبارة عن كتلة مترابطة، و أي خلل في أي جزء يؤثر على حيوية الجسم عموماً، و بعض العقاقير الطبية تؤثر أيضاً على الذاكرة.
و من الأمثلة عن المشاكل الصحية التي تؤثر على الذاكرة و القدرات المعرفية بالإضافة لداء الزهايمر، نذكر ما يلي: أمراض القلب و الأوعية الدموية، داء السكري، خلل في توازن الهرمونات.
محاولة التركيز و الانتباه:
ليس بإمكانك تذكر الشيء إن لم تتعلمه، و لن تتعلمه ما لم يتم ترميزه في دماغك. تحتاج حوالي 8 ثوانٍ من التركيز المكثف حتى يتم تكوين جزء من المعلومات في الذاكرة. إذا كنت تفقد تركيزك سريعاً، اذهب لمكان هادئ حيث لا يتم مقاطعتك فيه.
مشاركة عدة حواس معاً:
حاول ربط المعلومات بالألوان أو الروائح أو الأشكال أو المذاق مثلاً، بالإضافة إلى:
- نمط التعلم الذي يرتبط بإعادة الكتابة، يساعد على ترسيخ المعلومة في الدماغ بشكل أفضل.
- إذا كنت تعتمد نمط التعلم المرتبط بالرؤية، كالقراءة مثلاً، حاول ربط ذلك بحاسة السمع، كالقراءة بصوت مرتفع لمشاركة أكثر من حاسة معاً.
بعض النصائح لتركيز الأفكار عند الدراسة و تقوية الذاكرة:
- ركز على الأفكار الأساسية أكثر من تذكر التفاصيل المتفرقة.
- درّب نفسك على شرح الأفكار التي تعلمتها لشخص آخر لكن بكلماتك.
- كرر المعلومات التي تعلمتها في نفس اليوم، ضمن مراجعة سريعة لترسيخ الأفكار.
- القاعدة الذهبية هي التكرار، و يفضل التنويع بأشكال تكرار المعلومات، كاستخدام دفتر ملاحظات لتلخيص الأفكار و تكرارها.
- تكرار الكلمات الجديدة بصوتٍ عالٍ عدة مرات.
- استخدام التقويم أو مخطط يومي يساعد كثيراً في ربط أفكارك و مهامك معاً. اعتمد على تسجيل كافة ملاحظاتك و المهام التي عليك إنجازها بشكل يومي. و لتكن في مكان ثابت رؤيته واضحة، تصل إليه كلما رغبت الاطلاع عليه.
المراجع:
http://articles.mercola.com/sites/articles/archive/2014/04/24/memory-improvement-tricks.aspx
https://www.helpguide.org/articles/healthy-living/how-to-improve-your-memory.htm
http://www.webmd.com/diet/features/fortifying-your-memory-with-supplements#1
http://www.memory-improvement-tips.com/improve-your-concentration.html
الصورة المرفقة:
https://www.flickr.com/photos/faceleg/