أسباب و أعراض و علاج مرض اليرقان عند الخُدّج و حديثي الولادة

8693 2
8693 2

اليرقان ( اصفرار الجلد عند الرضع) : هو عبارة عن حالة صحية شائعة غير ضارة تصيب الأطفال حديثي الولادة، و التي تسبب اصفرار لون الجلد و بياض العينين، بالإضافة لغيرها من الأعراض التي تختلف في شدتها من حالة لأخرى.

يحدث اليرقان عند حديثي الولادة عادةً نتيجة ارتفاع نسبة البيلوروبين في الدم (فرط بيلوروبين الدم). البيلوروبين هو عبارة عن مادة صفراء اللون تتكون نتيجة تفكك و تحلل خلايا الدم الحمراء القديمة و التالفة. ينتقل البيلوروبين عبر مجرى الدم إلى أن يصل للكبد الذي يحوّله للعصارة الصفراوية و يطرحه عبر الأمعاء إلى خارج الجسم.

اليرقان شائع جداً لدى حديثي الولادة نظراً للكمية المرتفعة من خلايا الدم الحمراء لدى الرضيع، و التي تتحطم و تتبدل بشكل متكرر. بالإضافة لذلك، فإن الكبد لديهم يكون غير كامل التطور و فعاليته في التخلص من البيلوروبين غير مكتملة بعد.

ففي فترة الحمل كان يتخلص الجنين من البيلوروبين عبر المشيمة الذي ينتقل بدوره إلى الأم. أما بعد الولادة يصبح التخلص من البيلوروبين من مسؤولية الكبد. و خلال الأسابيع الأولى من الولادة يصبح الكبد أكثر تطوراً و تزداد فعاليته في التخلص من البيلوروبين. لذلك و في معظم حالات اليرقان يتم التماثل للشفاء من تلقاء نفسه دون الحاجة للعلاج. في حالات قليلة جداً يكون اليرقان دليل على وجود مشكلة صحية كامنة، و في هذه الحالات يتطور اليرقان سريعاً أي خلال ال24 ساعة الأولى من الولادة.

أعراض اليرقان عند حديثي الولادة:

jaundice2-jpg

تتطور الأعراض عادةً بعد ثلاثة أيام تقريباً من الولادة و تختفي خلال الأسبوعين التاليين. إن الأطفال الذين يولدون مبكراً قبل موعد الولادة (الخُدّج)، هم أكثر تعرضاً للإصابة باليرقان، و من الممكن أن تحتاج خمسة أيام لظهور الأعراض و تتطلب ثلاثة أسابيع حتى تختفي. و هي تميل عادةً للاستمرار مدة زمنية أطول في حال الرضاعة الطبيعية أي الرضاعة من ثدي الأم، مما يؤثر على بعض الأطفال لبضعة أشهر. لكن لا يعني ذلك التوقف عن الرضاعة الطبيعية لا شك هي حتماً الأفضل لصحة الطفل. السبب في ازدياد تطور اليرقان خلال الرضاعة الطبيعية غير معروف بعد، إلا أن بعض النظريات تُرجع السبب لوجود مادة في حليب الأم تؤثر على قدرة الكبد في التخلص من البيلوروبين.

يبدأ اصفرار الجلد عادةً في الرأس و الوجه قبل أن ينتشر لباقي أجزاء الجسم. و إذا كان لون بشرة الطفل داكنة أساساً، قد يصعب تمييز اصفرار لون الجلد، و في مثل هذه الحالات يتم تمييز اليرقان من الأعراض الأخرى:

  • يصبح لون البول أصفر مركز جداً، في حين يجب أن يكون بول الرضيع حديث الولادة عديم اللون.
  • يصبح لون البراز باهت اللون، في حين يجب أن يكون البراز أصفر أو برتقالي اللون.
  • اصفرار راحتي اليدين و باطن القدمين.
  • اصفرار بياض العين.
  • اصفرار اللثة و داخل الفم.
  • ضعف قدرة الطفل على الرضاعة.
  • البكاء بصوت عالٍ.
  • الرغبة بالنوم.

متى يجب عليك زيارة الطبيب:

يتم فحص الطفل عادةً خلال 72 ساعة من الولادة، و تتضمن الفحوصات البدنية الانتباه لوجود اليرقان. في حال ظهرت الأعراض بعد هذه المدة يجب مراجعة الطبيب بأسرع ما يمكن. فاليرقان عند حديثي الولادة ليس مشكلة صحية تدعو للقلق، لكن في بعض الحالات يتطلب الأمر الحصول على العلاج لذلك يجب مراجعة الطبيب على الفور.

الاختبارات و التشخيص:

الفحص البصري:

يجب الانتباه على كافة التغيرات التي تطرأ على الطفل بعد الولادة و العودة إلى المنزل. ففي بعض الحالات قد لا تظهر أعراض اليرقان إلا بعد مرور أسبوع على الولادة. لذلك راقبي لون بشرة طفلك و بياض العين و لون البول و البراز. تستطيعين القيام بضغط بسيط بأطراف أصابعك على أنف الطفل أو باطن القدم، حيث يمكنك التمييز بشكل أسهل إن كان هناك أي اصفرار في الجلد.

اختبار البيلوروبين:

فإذا كنت تعتقدين أن طفلك مصاباً باليرقان، يجب إجراء تحليل لمستوى البيلوروبين في الدم، و يتم ذلك كما يلي:

  • بواسطة جهاز بيلوروبينوميتر (جهاز لقياس البيلوروبين)، الذي يوجّه أشعة على جلد طفلك و يحسب مستوى البيلوروبين الموجود عن طريق تحليل كيفية انعكاس الضوء أو كمية امتصاصه بواسطة جلد طفلك.
  • بواسطة أخذ عينة من دم الطفل، و التي تؤخذ عادةً من كعب القدم الذي يثقب بواسطة إبرة دقيقة. و يتم قياس مستوى البيلوروبين في الجزء السائل من مصل الدم. لكن في معظم الحالات يستخدم جهاز البيلوروبينوميتر للكشف عن اليرقان عند حديثي الولادة. أما عينة الدم تؤخذ عادةً في حال كانت نسبة البيلوروبين مرتفعة جداً أو ظهر اليرقان خلال ال24 ساعة الأولى من الولادة. و بناءً على نسبة البيلوروبين في الدم، يقرر الطبيب إن كان هنالك حاجة لإعطاء العلاج أم لا.
  • في بعض الحالات إذا استمر اليرقان لمدة تزيد عن أسبوعين أو احتاج الطفل للعلاج، قد يطلب الطبيب مزيداً من الفحوصات و التي تتضمن:
  1. زمرة دم الطفل لمعرفة و عامل ريسوس (Rh) لمعرفة إن كان يتعارض مع الأم أم لا.
  2. الكشف عن وجود أي أجسام مضادة مرتبطة مع خلايا كريات الدم الحمراء للطفل.
  3. عدد الخلايا الموجودة في دم الطفل (CBC).
  4. الكشف عن وجود أي عدوى أو التهاب.
  5. الكشف عن وجود خلل أو نقص في الأنزيمات.

هذه الفحوصات تساعد في تحديد السبب الكامن وراء ارتفاع مستوى البيلوروبين في الدم.

أسباب اليرقان عند الخُدّج و حديثي الولادة:

كما ذكرت سابقاً، ففي الحالات الطبيعية لحدوث اليرقان عند حديثي الولادة يعود السبب لوجود كميات كبيرة من كريات الدم الحمراء التي تتجدد بشكل متكرر، و لعدم قدرة الكبد على التخلص من البيلوروبين بشكل فعال. لكن في الحالات التي يحدث فيها اليرقان نتيجة وجود مشاكل صحية كامنة، يعود السبب لما يلي:

  • وجود نزيف داخلي.
  • وجود التهاب في دم الطفل ( الانتان الدموي).
  • وجود التهاب فيروسي أو جرثومي.
  • وجود خلل في الكبد (مثل التهاب الكبد الوبائي).
  • وجود خلل في كريات الدم الحمراء لدى الطفل مما يؤدي لتلفها سريعاً (مثل فقر الدم الانحلالي).
  • قصور الغدة الدرقية: عندما لا تستطيع الغدة الدرقية أن تنتج كمية كافية من الهرمونات الدرقية.
  • عدم تطابق زمرة الدم بين الطفل و الأم: و يحدث ذلك عندما تكون زمرة دم الأم و الطفل غير متطابقة، و تختلط خلال الحمل أو الولادة. ينتج عن ذلك تشكيل أجسام مضادة لدى الطفل تعمل على تحطيم كريات الدم الحمراء بشكل كبير مما يؤدي لارتفاع بيلوروبين الدم.
  • متلازمة كريغلر- نجار: و هي مشكلة صحية وراثية تؤثر على فعالية الأنزيم المسؤول عن التخلص من البيلوروبين.
  • وجود مشكلة أو انسداد في القنوات الصفراوية و المرارة التي تعمل على نقل العصارة الصفراوية و السوائل المساعدة على الهضم.
  • نقص في أنزيم نازعة هيدروجين الجلوكوز -6- فوسفات (G6PD): و يعود ذلك لسبب وراثي.

علاج اليرقان عند حديثي الولادة:

معظم الحالات لا تتطلب للعلاج و يتم الشفاء من تلقاء نفسه خلال عشرة أيام أو أسبوعين. ينصح بالعلاج عادةً فقط عندما تشير التحاليل لوجود نسب مرتفعة جداً من البيلوروبين في الدم. لأنه إذا ارتفعت نسبة البيلوروبين كثيراً من الممكن أن تنتقل إلى الدماغ و تسبب تلف للخلايا الدماغية.

يوجد نوعين من العلاج الذي يتم في المشفى لخفض مستوى البيلوروبين سريعاً:

المعالجة الضوئية:

عن طريق تطبيق نوع خاص من أشعة الضوء على سطح جلد الطفل. حيث تعمل هذه الإضاءة على تحويل تركيب البيلوروبين ليتمكن الكبد من التخلص منه بسهولة أكبر.

تبديل الدم:

و هو نوع من نقل الدم للطفل، حيث يتم سحب كمية صغيرة من دم الطفل و استبداله بدم آخر مطابق لزمرة دم الطفل. معظم الأطفال يستجيبون للعلاج بنجاح و يغادرون المشفى خلال أيام قليلة.

إذا كان اليرقان نتيجة وجود التهاب، يجب علاج الالتهاب أولاً بناءً على وصفة الطبيب.

إذا كان اليرقان نتيجة مرض عامل ريسوس (عدم تطابق دم الأم و الطفل)، من الممكن أن يحتاج الطفل للحصول على الغلوبولين المناعي عن طريق الحقن الوريدي (IVIG)، و هو يستخدم عادةً فقط إذا لم تنجح المعالجة الضوئية و لم تنخفض نسبة البيلوروبين. و في هذه الحالة فقط من اليرقان (اليرقان بسبب عدم توافق عامل ريسوس) من الممكن منعه عن طريق إعطاء حقن مضاد د (Anti D) بعد الولادة مباشرة، و هذا يمنع حدوث المضاعفات في حالات الحمل اللاحقة.

مضاعفات اليرقان عند حديثي الولادة:

التهاب الدماغ الحاد البيلوروبيني:

عندما ترتفع نسبة البيلوروبين بشدة من الممكن أن تنتقل للدماغ، و هي مادة سامة للخلايا الدماغية. إذا تم العلاج سريعاً قد يمنع الضرر الدائم للخلايا. و من الأعراض الناتجة عن وجود التهاب دماغي بيلوروبيني ما يلي:

  • الإقياء
  • ارتفاع درجة الحرارة
  • الصعوبة في الاستيقاظ
  • صعوبة في الرضاعة و البلع.

التلف الدماغي:

هي حالة نادرة جداً قد تصيب حالة واحدة من كل مئة ألف حالة. و التي تحدث إذا لم يتم علاج التهاب الدماغ سريعاً. مما يؤدي لتلف دائم للخلايا الدماغية، ينتج عنها ما يلي:

  • حركات لا إرادية و غير مضبوطة (الشلل الدماغي الالتوائي).
  • النظر الدائم للأعلى
  • فقدان السمع
  • نمو غير متكامل لمينا الأسنان.

العلاجات المنزلية و النصائح اليومية في حالة اليرقان:

تكرار الرضاعة بشكل أكبر:

إن الرضاعة بشكل متكرر تزود طفلك بكمية أكبر من الحليب، و بالتالي تزداد حركة الأمعاء لديه مما يساعد على زيادة إطراح البيلوروبين بسرعة أكبر. يجب أن يحصل الرضيع على ثماني إلى اثني عشر وجبة رضاعة يومياً خلال الأيام الأولى من الولادة. بما يكافئ 30-60مل من الحليب كل ساعتين أو ثلاث ساعات خلال أسبوعه الأول.

التغذية التكميلية:

إذا كان طفلك يعاني من مشكلة مع الرضاعة الطبيعية و فقدان الوزن، قد يقترح الطبيب إعطاء طفلك الحليب الصناعي بالإضافة للرضاعة الطبيعية. و في بعض الحالات يقترح إعطاء طفلك للحليب الصناعي فقط لمدة يومين دون الرضاعة الطبيعية، ثم المتابعة بعد ذلك مع الرضاعة الطبيعية أيضاً. لذا، الحل الأمثل لتلافي اليرقان بالنسبة للرضيع هو في التركيز على زيادة عدد رضعات الطفل.

أشعة الشمس:

تساعد أشعة الشمس على تحطيم البيلوروبين سريعاً، مما يساعد الكبد على التخلص من البيلوروبين بشكل أكبر. لذلك يفضّل وضع الطفل أمام نافذة مضاءة جيداً لمدة عشر دقائق مرتين يومياً، و هو ينفع غالباً في علاج الحالات الخفيفة من اليرقان. لكن إياك أن تضعي الرضيع تحت أشعة الشمس مباشرة.

المراجع:

http://www.webmd.com/parenting/baby/tc/jaundice-in-newborns-hyperbilirubinemia-topic-overview

http://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/infant-jaundice/basics/definition/con-20019637

http://www.nhs.uk/Conditions/jaundice-newborn/Pages/introduction.aspx

https://www.betterhealth.vic.gov.au/health/healthyliving/jaundice-in-babies

http://www.emedicinehealth.com/newborn_jaundice/article_em.htm

http://raisingchildren.net.au/articles/jaundice_of_the_newborn.html

http://www.caringforkids.cps.ca/handouts/jaundice_in_newborns

https://www.nlm.nih.gov/medlineplus/ency/article/001559.htm

http://www.healthline.com/health/newborn-jaundice

http://kidshealth.org/en/parents/jaundice.html

الصور المرفقة:

https://www.flickr.com/photos/larachris/

 

تصنيفات المقال

انضم الى المحادثة

2 تعليقات s

  1. Kimo yoyo رد

    السلام عليكم انا ابني عندو شهرين و اليرقان عندو مرتفع ولما عملت التحاليل و ايكو للكبد و البنكرياس كلشي تمام هلئ عم نستني تحليل البول للبداية بالعلاج لان الطبيبة شاكة بإلتهاب

    1. بدور الآغا رد

      و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته..
      أسأل الله تعالى الشفاء العاجل لطفلك. شكراً جزيلاً لمشاركتك، و أتمنى أن تخبرينا عن النتائج عسى أن تكون خيراً بإذن الله.

اذا أعجبك هذا المقال شاركه مع أصدقائك، شكراً لك