إحدى أهم الحميات الغذائية التي لاقت نتائج إيجابية في إنقاص الوزن بشكل فعال، هي حمية الكيتوجينك. (كيتو دايت) تحدّ من تناول الكربوهيدرات و تعتمد على زيادة الدهون الصحية.
ما تزال البدانة من الأسباب الأساسية للوفاة في العالم!
على الرغم من التقدم المستمر في العالم الطبي، إلا أن مشكلة البدانة ما تزال من المخاطر الصحية الرئيسية في مختلف أنحاء العالم. حيث يصل عدد الوفيات سنوياًَ إلى 2.8 مليون شخص بالغ في السنة!
البدانة لها ارتباط وثيق بالأسباب الأساسية للأمراض المزمنة مثل داء السكري و ضغط الدم المرتفع و أمراض القلب.
تنتج البدانة عادةَ عن اتباع نظام غذائي غير صحي و عادات غذائية سيئة!
إن المواظبة على اتباع نظام غذائي صحي، و غرس عادات غذائية سليمة في أنفسنا و أولادنا، يُعتبر طريقة فعالة في التحكم بما يُعرف بوباء البدانة الذي يجتاح العالم!
يتم تقسيم حمية الكيتو إلى ثلاثة أقسام تتمثل تقريباً بما يلي:
- 55-60 % دهون
- 30-35 % بروتينات
- 5-10% كربوهيدرات
و ذلك في نظام غذائي يومي يشمل 2000 سعرة حرارية في اليوم. بحيث تصل كمية الكربوهيدرات إلى 20-50 غ في اليوم على الأكثر.
تم استخدام حمية الكيتو للمرة الأولى عام 1912 م لعلاج الصرع. فقد أبدت نتائج فعالة كحمية غذائية علاجية للأطفال المصابين بالصرع. و تم استخدامها على نطاق واسع إلى أن ظهرت الأدوية المضادة للصرع، فتوقفت شهرة هذه الحمية.
عادت شهرة حمية الكيتوجينك من جديد كطريقة فعالة في علاج البدانة و إنقاص الوزن سريعاً، على الأقل على المدى القصير!
آلية عمل حمية الكيتوجينك (كيتو دايت) :
تعتبر الكربوهيدرات المصدر الأساسي لإنتاج الطاقة في أنسجة الجسم.
عندما يفتقر الجسم للكربوهيدرات نتيجة انخفاض الكمية المتناولة لأقل من 50 غ من الكربوهيدرات في الجسم. و بالتالي فإن إفراز هرمون الأنسولين سوف ينخفض بشكل ملحوظ أيضاً. و يدخل الجسم في عمليات الهدم catabolic state (عمليات الاستقلاب).
ينخفض تحزين الغليكوجين نتيجة انخفاض الكربوهيدرات ( الغليكوجين و هو المصدر المخزن من الطاقة). مما يدفع الجسم لإحداث تغيرات في عمليات الاستقلاب فيسلك طريقين:
gluconeogenesis توليد السكر، ketogenesis توليد الكيتون.
-
gluconeogenesis: استحداث السكر
أي إنتاج السكر لتزويد الجسم بالطاقة (الغلوكوز) من مصادر غير الكربوهيدرات.
و يتم ذلك من خلال إنتاج داخلي للجلوكوز في الجسم خاصةً في الكبد، بشكل أساسي من حمض اللبن (لاكتيك أسيد) و الغليسيرول و الأحماض الأمينية الألانين و الغلوتامين.
عندما ينخفض مستوى الغلوكوز بشكل أكبر، فإن الإنتاج الداخلي للجلوكوز في الجسم، لا يستطيع أن يواكب حاجة الجسم لتوليد الطاقة.
و بالتالي يحل الكيتون محل الغلوكوز. و يبدأ الجسم بإنتاج الأجسام الكيتونية لتزويد الجسم بمصدر بديل للطاقة فتبدأ عملية:
-
ketogenesis: توليد الكيتون
خلال مرحلة الكيتونية و نتيجة انخفاض مستوى السكر في الدم، ينخفض إنتاج الأنسولين أيضاً. و بالتالي ينخفض تخزين الدهون بشكل ملحوظ.
إذاً التغيرات الهرمونية التي تحدث (انخفاض هرمون الأنسولين)، تساهم أيضاً في زيادة تكسر الدهون إلى أحماض دسمة.
يلي ذلك..
يتم استقلاب (تحطم) هذه الأحماض الدسمة إلى بيتا هيدروكسي بيوتاريت beta-hydroxy butyrate و أسيتون acetone. و هي الأجسام الكيتونية الأساسية التي تتراكم في الجسم خلال اتباع حمية الكيتوجينك.
يُشار إلى هذه المرحلة باسم:
-
nutritional ketosis: الكيتوزية الغذائية
و طالما أن الجسم يفتقد إلى الكربوهيدرات، فإنه يبقى في هذه المرحلة.
تُعتبر مرحلة الكيتوزية الغذائية آمنة، على اعتبار أنه يتم إنتاج الأجسام الكيتونية بتراكيز صغيرة دون أن يؤثر على باهاء الدم ( pH الدم).
حالة الكيتوزية الغذائية تختلف تماماً عن حالة الحماض الكيتوني ketoacidosis التي تعتبر حالة مهددة للحياة. حيث يتم إنتاج الأجسام الكيتونية بتراكيز عالية جداً بحيث تؤثر على قيمة باهاء الدم بحيث يغير درجة حموضة الدم إلى حامضية.
الأجسام الكيتونية التي يتم إنتاجها خلال حمية الكيتو يتم استهلاكها بسهولة لإنتاج الطاقة للقلب و العضلات و الكلية.
تستطيع الأجسام الكيتونية العبور عبر حاجز الدم الدماغي blood-brain barrier لتأمين مصدر بديل للطاقة للدماغ.
أما الكبد و خلايا كريات الدم الحمراء لا تستطيع استهلاك الأجسام الكيتونية نتيجة انعدام الميتوكوندريا و أنزيم diaphorase.
يعتمد إنتاج الأجسام الكيتونية على عدة عوامل:
- معدل الأيض القاعدي (معدل الاستقلاب الأساسي) (basal metabolic rate (BMR.
- مؤشر كتلة الجسم (body mass index (BMI.
- نسبة الدهون في الجسم.
تعمل الأجسام الكيتونية على إنتاج كميات أكبر من ثلاثي فوسفات الأدينوسين adenosine triphosphate بالمقارنة مع الغلوكوز. أي الطاقة التي تزودها الأجسام الكيتونية تفوق الطاقة التي يولدها الغلوكوز.
100 غ من الأجسام الكيتونية (أسيتو أسيتات) تزود الجسم ب 9400 غ من الطاقة.
100 غ من بيتا هيدروكسي بيوتاريت تزود الجسم ب 10500 غ من الطاقة.
بينما 100 غ من الغلوكوز تنتج فقط 8700 غ من الطاقة.
مما يتيح للجسم الحفاظ على كفاءة إنتاج الطاقة حتى أثناء انخفاض كمية السعرات الحرارية المتناولة.
بالإضافة لذلك فإن الأجسام الكيتونية تعمل على خفض التلف الناتج عن الجزيئات الحرة و تزيد فعالية مضادات الأكسدة.
التأثيرات الجانبية الناتجة عن الأجسام الكيتونية:
إن اتباع حمية الكيتوجينك (كيتو دايت) لفترة محددة (أقصاها سنتين)، يعتبر آمن و ذو نتائج فعالة. إنما المواظبة على اتباع حمية الكيتوجينك لفترات زمنية أطول من ذلك، لم يتم إثبات نتائجه بعد.
من التأثيرات الجانبية الأكثر شيوعاً الناتجة عن اتباع حمية الكيتو لفترة قصيرة، تتضمن ما يلي:
- الغثيان و الإقياء
- الصداع
- الإرهاق و التعب و الدوار
- الأرق
- صعوبة أداء التمارين الرياضية (انخفاض قدرة الجسم على تحمل التمارين)
- الإمساك
- و في بعض الأحيان يتم الإشارة لهذه الأعراض على أنها انفلونزا الكيتو 🙂
تزول هذه الأعراض عادةً خلال بضعة أيام إلى بضعة أسابيع.
من الجدير بالذكر ضرورة استهلاك كميات وفيرة من السوائل و الشوارد للمساعدة على التغلب على هذه الأعراض.
أما التأثيرات الجانبية الناتجة على المدى البعيد فتتضمن:
- تنكس الكبد (تراكم الدهون في الكبد) hepatic steatosis
- نقص بروتينات الدم hypoproteinemia
- حصوات الكلى
- انخفاض نسبة الفيتامينات و المعادن من الجسم
الاحتياطات و التحذيرات:
بالنسبة لمرضى دء السكري الذين يعتمدون على الأنسولين أو يتناولون الأدوية الفموية الخافضة لسكر الدم، قد يعانون من انخفاض شديد في مستوى سكر الدم (إذا لم يتم تعديل جرعة الدواء بشكل صحيح قبل البدء بتناول حمية الكيتوجينك.)
يجب عدم اتباع حمية الكيتوجينك في الحالات التالية:
- التهاب البنكرياس
- فشل الكبد
- اضطرابات في استقلاب الدهون
- نقص الكارنيتين الأساسي
- نقص أنزيم كارنتين بالميتول ترانسفيريز carnitine palmitoyltransferase deficiency
- نقص كارنتين ترانلوكيز carnitine translocase deficiency
- نقص بايروفيت كاينيز pyruvate kinase deficiency
بالنسبة للأفراد المواظبين على حمية الكيتو، في حالات نادرة عند إجراء تحليل الكحول التنفسي، قد يعطي التحليل نتائج إيجابية كاذبة.
و يحدث ذلك بسبب وجود الأجسام الكيتونية في الدم. و بالتالي فإن مادة الأسيتون الموجودة في الجسم قد تنخفض في بعض الأحيان إلى أيزوبروبانول عن طريق أنزيم دي هيدروجينناز الكحولي الكبدي و هو بدوره يعطي نتائج إيجابية كاذبة عند تحليل الكحول في التنفس.
نتائج اتباع حمية الكيتوجينك و الأدلة السريرية الناتجة عنها:
بالنسبة للسعرات الحرارية اليومية الإجمالية، تشكل الكربوهيدرات حوالي 55 % من النظام الغذائي الأمريكي النموذجي. و التي تتراوح بين 200-350 غ في اليوم.
زيادة استهلاك الأطعمة الغنية بالسكريات ترتبط مع زيادة خطورة متلازمة التمثيل الغذائي (متلازمة الاستقلاب)، بمعدل 44 %. و زيادة خطورة الإصابة بداء السكري بمعدل 26%.
تشير الدراسات الحديثة أن الحمية الغذائية قليلة الكربوهيدرات تؤدي لانخفاض الوزن بشكل ملحوظ عند مقارنتها مع الحمية قليلة الدهون.
و بالتالي فإن الحمية الغذائية التي تعتمد على خفض كمية الكربوهيدرات أفضل من الحمية التي تعتمد على خفض كمية الدهون للحفاظ على معدل الاستقلاب الأساسي BMR.
بعبارة أخرى.. نوعية السعرات الحرارية المستهلكة قد تؤثر على عدد السعرات الحرارية المحروقة.
ينخفض معدل الاستقلاب الأساسي بنسبة أكثر من 400 سعرة حرارية في اليوم، عند اتباع حمية قليلة الدهون، بالمقارنة مع اتباع حمية قليلة الكربوهيدرات.
في البداية فإن الأشخاص الذين يتبعون حمية الكيتوجينك، قد ينخفض وزن الجسم لديهم بسرعة قد تصل إلى -5 كغ خلال أسبوعين أو أقل.
اتباع هذه الحمية له تأثير مدر للبول، و أسباب الانخفاض السريع في الوزن في البداية، قد يعود لانخفاض وزن الماء من الجسم ثم يتبع انخفاض الدهون.
و من المثير للاهتمام خلال اتباع هذه الحمية، فإن العضلات الهزيلة تبدأ بالامتلاء من جديد. و مع المواظبة على اتباع حمية الكيتو، و حفاظ الجسم على حالة الكيتوزية الغذائية، يهدأ الشعور بالجوع. و الانخفاض الإجمالي لعدد السعرات الحرارية المتناولة يساعد بشكل أكبر في خفض الوزن.
المرجع:
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK499830