في العصر الحديث تم الاعتماد على الأجهزة الالكترونية و الأدوات الذكية بشكل أساسي. مما جعل نمط الحياة أسهل و أكثر راحة. لكن بالمقابل كان لهذه الأجهزة تأثير مباشر على كافة جوانب حياتنا.
نسبة كبيرة جداً من الأطفال يستخدمون هذه المنصات الاجتماعية. و يفضّلون قضاء الوقت على الألعاب الالكترونية، بدلاً من استغلال طفولتهم بالطريقة الصحية، التي تعتمد على اللعب مع الأطفال و التفاعل مع سائر الأفراد. و اكتشاف الطبيعة و البيئة المحيطة بهم سواءً في المنزل أو الخارج.
هل لاحظت ردود أفعال الأطفال عندما يقارب شحن الجهاز الالكتروني على النفاذ؟ مستوى الأرق و التوتر و الإحباط الذين يصابون به عندما يتم سحب الجهاز منهم؟
ردود الأفعال هذه، علمياً لا تصنف تحت سلوك الاعتماد على الجهاز فحسب. بل تُصنّف تحت سلوك الإدمان!
هذا الوضع أكثر شيوعاً لدى الأفراد الذين ولدوا في أواخر التسعينات و أوائل القرن العشرين! على اعتبار أنهم لم يعيشوا الحياة الصحية السليمة قبل وجود الأجهزة الذكية!!
تحدثتُ سابقاً عن الأضرار الناتجة عن أشعة الأجهزة الالكترونية و الهواتف المحمولة و كيفية الوقاية منها.
في مقالتي لليوم أنا لا أقلل من أهمية هذه الأجهزة و دورها الكبير في الحياة المعاصرة و تطور التكنولوجيا. إنما تركيزي الأساسي على مرحلة الطفولة.
أود الإشارة إلى ربط هذا السلوك و تأثيره على صحة الجسم البدنية و العقلية و النفسية و الاجتماعية!
أنا كأم أشعر بالصعوبة التي تعاني منها ! ألعاب الفيديو و المنصات الاجتماعية و الأجهزة الالكترونية جعلت موضوع تربية الأطفال أكثر صعوبة بالمقارنة مع السنوات العشرة السابقة مثلاً.
قضاء الوقت أمام الشاشات الذكية أودَت بذكاء أطفالنا!!
قضاء الوقت أمام هذه الشاشات لا يختلف عن الكافئين و الأمفيتامين و الكوكائين!!
مادة الدوبامين التي يتم تحريرها بفعل الأجهزة الالكترونية للأطفال، لها تأثير كبير على كيمياء الدماغ. لأن القشرة الدماغية لدى الطفل لم تتطور بشكل كافٍ بعد، للشعور الرضا من جرعات صغيرة فحسب. (أي لا يكتفي الطفل باستخدام هذه الأجهزة لفترة قصيرة فقط من الزمن. و ليس لديه الإدراك الكافي عن تأثيرها و تنظيم وقته في استخدامها).
ليس من الواقعي أن يتكيف الدماغ مع التحفيز الصناعي الناتج عن استخدام هذه الأجهزة. و ليس من الواقعي أن نتوقع من الطفل (الذي ما زال الفص الجبهي للدماغ لديه قيد التطور) في أن يتحكم بأوقات استخدامه لهذه الأجهزة.
أسباب إدمان الأجهزة الالكترونية:
- السبب الأساسي هو أن هذه الأجهزة تحتل جزء كبير و أساسي من حياتنا المعاصرة.
- متوفرة دون وجود أي قيود على الاستخدام سواءً من حيث العمر أو الوقت!
- يلبي حاجات العديد من الأفراد خاصةً الأطفال. لا يضطرون لبذل الكثير من الجهد لإقامة الاتصالات.
- و في الحقيقة فإن سبب إدمان استخدام الأجهزة الالكترونية هو نفس السبب وراء اعتمادنا عليها في العصر الحديث. أي زيادة إنتاجيتها و سهولة و سرعة الوصول لخدماتها المتاحة.
- سبب آخر قد يشجع على إدمانها خاصةً لدى هذه الفئة من العمر (الأطفال و المراهقين)، هو إمكانية استخدامها بشكل مجهول و اسم مستعار. مما يوفر لدى البعض الفرصة للتعامل بطريقة مريحة (بالنسبة لهم) دون التعرض لأي موقف محرج اجتماعياً.
- لا يتعين على المرء أبداً الخوض في محادثة سيئة. و يمكنه بسهولة تجنب أي مناقشة غير مرغوبة إذا كان النقاش من خلال الانترنت فحسب. لكن من الصعب جداً تجنب ذلك في الحياة الواقعية. و هذا أحد الأسباب وراء الاعتماد الكبير على الانترنت. يمكّنهم من صياغة أنفسهم بالشكل الذي يريدون، حتى و إن لم يتطابق ذلك مع الواقع!
أعراض إدمان الأدوات الالكترونية:
- هذا النمط من الإدمان يرافقه عادةً تقلبات في المزاج و عدوانية! و يبدو ذلك واضحاً بشكل كبير خاصةً لدى الأطفال، عندما نطلب منهم ترك الأجهزة الذكية جانباً، و الإشارة إلى انتهاء الوقت المسموح لهم في استخدامه!!
- المنصات الاجتماعية في العالم الافتراضي تحثّهم على الإفراط في انضمامهم له. حتى و إن كانوا محاطين بالأفراد الحقيقين ممن حولهم.
- قد يسبب مشاكل في الرؤية و اضطرابات في وضعية الجسم.
- الأرق هو من أكثر الأعراض شيوعاً في مثل هذه الحالات.
المضاعفات الناتجة عن فرط استخدام الأجهزة الالكترونية:
من الدراسات الحديثة حول إدمان الأطفال على استخدام الأجهزة الالكترونية و ألعاب الفيديو: كانت النتائج:
- زيادة حالات البدانة لدى الأطفال.
- نقص التركيز و فرط الحركة.
- انخفاض معدل التطور المعرفي و الخيالي و الإبداعي.
- تمضية وقت أقل في القراءة و التعلم.
- انخفاض مستوى المهارات الاجتماعية و عدم القدرة على التفاعل الاجتماعي الفعال وجهاً لوجه.
- هذا عدا عن الأخطار الناتجة عن عمليات الاحتيال و الاختراق التي يقوم بها البعض عبر الانترنت. و المخاطر الفظيعة الناتجة عن وسائل التواصل الاجتماعي. و السموم التي قد يتم بثّها في عقول أطفالنا و هم بجانبنا في الغرفة المجاورة!!
في الحياة الطبيعية الصحيحة.. يتم تهيئة الأطفال بشكل تدريجي للانضمام لهذا المجتمع. و اكتشاف جوانبه النيّرة و المظلمة. و دفعهم بثقة للتعامل مع مطبات الحياة المختلفة، بما يتناسب مع أعمارهم.
أما من خلال الانترنت فهو تماماً مثل رمي الطفل نحو المجهول، دون أي تهيئة أو ضوابط للعواقب.
حتى الفيديوهات المخصصة للأطفال التي يُفترض أن تكون بريئة تحثّهم على العلم و المعرفة و تنمية الأخلاق الحميدة. لم تخلو براثن الأشرار من أن تطالها! بل هي الفئة المستهدفة أيضاً (الأطفال و المراهقون) .
يقوم العديد من الآباء بتجربة أساليب و تقنيات مختلفة للتحكم بما يستخدمه أطفالهم على الانترنت. مثل ضوابط لحظر المحتوى غير المناسب! مع نجاح متفاوت في الحصول على النتائج المرغوبة.
البالغون بحد ذاتهم يعانون من صعوبة التحكم في استخدامهم للهواتف الذكية. فما بالنا بالأطفال؟
هنا يكمن دورنا كأهل.. يقع على عاتقنا مسؤولة كبيرة في توجيه أطفالنا و حمايتهم من الثورة الالكترونية. إنه أمر متعب نعم، لكن لا بد منه إن كنا حريصين على صحة أطفالنا.
أعراض الانسحاب عن إدمان الأدوات الالكترونية:
علاج إدمان الأجهزة الالكترونية:
هذا السؤال يدور كثيراً.. نظراً لزيادة انتشار هذه الحالات. على اعتبار أن مصدر هذه المشكلة هو جزء هام من حياتنا اليومية المعاصرة.
لا يمكننا أن نعالج المشكلة بالامتناع التام عن استخدام هذه التقنيات في حياتنا. لأنها حقاً تغطي دوراً كبيراً من أعمالنا و نشاطاتنا اليومية.
واحدة من أهم القضايا الأساسية التي يمكن معالجتها خاصةً في حالات الأطفال، هو مشاركة الأهل لحياة الطفل. و توفير أمر في بالغ الأهمية للطفل ألا و هو الوقت!!
يمكن تزويد الطفل بالأجهزة الالكترونية، ليتم استخدامها لهدف أساسي محدد فقط. مثل حل واجب إذا كانت المدرسة تعتمد في نظامها على استخدام التطبيقات التعليمية الالكترونية.
أهم النصائح للتغلب على إدمان الأجهزة الالكترونية بالنسبة لأطفالنا:
كيف يمكننا منع إدمان أمر ما، يندرج بشكل كبير في حياتنا اليومية؟
في البداية يجب علينا إدراك أن استخدام الأجهزة الالكترونية بحد ذاته ليس سيئاً. لكن سوء استخدامه و فرط الاعتماد عليه، يؤدي لنتائج غير مرغوبة. تبدأ بالتأثير على مختلف جوانب الحياة!
اختيار مدة محددة مسموحة فقط لاستخدام الأجهزة الالكترونية:
وسطياً نصف ساعة مرتين في اليوم هي مدة أكثر من كافية للأطفال.
من الممكن زيادة المدة نصف ساعة إضافية في يوم العطلة.
كن صارماً واضحاً في قرارك:
لا تخضع للتوسلات و الدموع الناعمة 🙂
عندما تسمح بالمماطلة في مدة استخدام هذه الأجهزة، فأنت توصل لطفلك رسالة غير مباشرة أن طريقة الإلحاح أو البكاء وسيلة فعالة لتحقيق مطالبهم.
أما إذا لم تتنازل عن مبدئك، سوف يقتنع الطفل أن السلوك السلبي تأثيره ضعيف و لن يجدي نفعاً.
لا تسمح للطفل نهائياً باستخدام الأجهزة الالكترونية إذا لم ينهي واجباته المدرسية أولاً. أو إذا أساء التصرف:
وقت استخدام الأجهزة الالكترونية هو امتياز تقدمه للطفل. و ليس حق مكتسب!
التحكم بشبكة الانترنت في المنزل و تغيير كلمة السر بشكل متكرر:
هذا الأمر يرتبط بعمر أطفالك و شخصيتهم و درجة عنادهم! قد لا تحتاج نهائياً لاتباع هذا الأسلوب. لكن إذا اضطر الأمر …؟
فالأطفال الأكبر سناً لن يخفى عليهم معرفة الدخول لشبكة الانترنت أو سرقة الهواتف الذكية التي صادرتها منهم مثلاً، و إشباع رغباتهم بشكل خفي دون علمٍ منك!!
كن حذراً:
توقّع من الأطفال إيجاد سبل مختلفة لإقناعك بتمضية المزيد من الوقت على الالكترونيات!
كن حذراً أيضاً كيف يتم تمضية أوقاتهم على الشاشات.
انتبه من يتابعون و يتابعهم. و ما هي المواقع التي يدخلون عليها و النشاطات التي يقومون بها.
تقبّل مرحلة الضجر برحابة صدر:
الطفل سوف يبكي و يعترض و يعبر عن استيائه من القوانين التي أصدرها و المتابعة التي تحرص على تطبيقها.
و هذا باختصار رمز (أريد المخدر) !!
وجّه طفلك نحو نشاطات بديلة:
هذا الأمر سوف يصبح أكثر سهولة عندما يقتنع الطفل أن لا فائدة من كثرة الإلحاح. و لن يحصل على وقت إضافي لاستخدام الالكترونيات من خلال التذمر.
قدّم لهم ألعاب بديلة. على سبيل المثال شراء مجموعة من ألعاب تنمية الذكاء و المعرفة المناسبة لأعمارهم.
توقع الانتكاس:
يمكن للإجازات و جدول الأعمال و الأزمات المنزلية أن تضع طفلك على المسار الخاطئ.
في بعض الأحيان يختل النظام الروتيني للمنزل بسبب عطلة أو مشكلة أو أياً كان. لكن لا تعتمدعلى الأجهزة الالكترونية و تسمح للطفل بفرط استخدامه، فقط لتجنب الصراع و الضوضاء في المنزل! كما لو أن الجهاز الالكتروني جليسة أطفال!!
و لا تتعب نفسك في فرط المراقبة و الانضباط أيضاً. إنما احرص على الاعتدال قدر الإمكان سواءً في وضع القوانين أو تطبيقها.
كن مرناً في وضعك للخطط:
قد لا تنجح الخطة التي تتبعها لسبب ما. هذا لا يعني الفشل بالكامل. بل عند الضرورة قد تحتاج لتغيير خطتك، أو أسلوبك في التعامل مع طفلك.
إذا لزم الأمر، قم يتعديل مقدار الوقت المسموح لطفلك بقضائه على الشاشات، و التطبيقات المسموح له استخدامها. إنما لأسباب ضرورية أن تقيّمها.
كافئ طفلك بوسائل أخرى بعيدة عن الأجهزة الالكترونية:
على سبيل المثال الذهاب للحديقة أو دعوة صديقه إلى المنزل أو شراء شيء جديد يرغب به غير الأجهزة الالكترونية.
كن قدوة حسنة يحتذى بها:
الطفل لن يتعلم مما تمليه عليه. بل مما يراه أمامه. فلنبدأ بأنفسنا قبل أطفالنا.
فالأهل هما القدوة الأولى التي يكتسب منها الأطفال عاداتهم و معاييرهم السلوكية. إذً يجب علينا مراقبة عاداتنا!!
كوّن علاقة جيدة مع طفلك: وضّح له الأخطار و العواقب الناتجة عن استخدام الانترنت:
من الضروري المتابعة عن قرب بطريقة ودودة لطيفة. الضغط الزائد و التدخل المبالغ به، قد يؤدي لنتائج غير مرغوبة. المرحلة العمرية يجب أخذها بعين الاعتبار.
إضافة المزيد من النشاطات الخارجية لأنماط حياتنا اليومية.
المشاركة في الأحداث و المناسبات الاجتماعية مع الأهل و الأصدقاء. و الحد من استهلاك هذه الأجهزة إلا للضرورة.
المراجع:
http://www.emfprotectionstore.com/content/page/five-signs-your-child-is-addicted-to-technology.html
https://www.todaysparent.com/family/family-health/9-signs-of-screen-addiction-in-kids/
https://www.lybrate.com/topic/treatment-for-addiction-of-electronic-gadgets
https://www.helpguide.org/articles/addictions/smartphone-addiction.htm/