إن اختيار الأطعمة المناسبة هو جزء أساسي من أساليب الحياة الصحية. لكن طريقة الطهي و تحضير الطعام لا تقل أهمية، و تلعب دوراً اساسياً في الحفاظ على المواد الغذائية الموجودة في الطعام.
على سبيل المثال تشير الدراسات إلى وجود ارتباط وثيق بين تناول كميات كبيرة من اللحوم المطهية على درجات حرارة عالية (الشواء)، و بين زيادة خطورة الإصابة بسرطان القولون أو سرطان البنكرياس!
لذلك و للتمتع بصحة جيدة ما أمكن، يجب علينا اتباع عادات صحية بشكل منتظم، مع ترك حيز صغير للمناسبات و العطل. للتمتع بكافة ما نرغب به، و عدم حرمان أنفسنا مما نشتهي. فعندما نواظب على اكتساب عادات صحية معظم الأوقات، بإمكاننا التمتع بجزء صغير مما يحلو لنا حتى و إن لم يكن صحياً. و أنا أفضّل هذا الأسلوب أيضاً 🙂
في مقالتي لليوم سوف أستعرض لكم أفضل أساليب الطهي الصحية و ميزات كل منها. أتمنى أن تجدوا الفائدة المطلوبة و شكراً للمتابعة.
كيف و لماذا نفقد القيم الغذائية للطعام أثناء الطهي؟
في البداية، يجب علينا معرفة نوعية المواد الغذائية التي تفقد قيمها خلال عملية الطهي:
- إن فيتامين ك و معظم المعادن لا تتأثر بشكل كبير بدرجات الحرارة العالية أثناء الطهي و لا تتأثر بملامستها للهواء أو الماء. أي لا تنحل في الماء، ما عدا معدن البوتاسيوم. فهو ينحل كثيراً في ماء الطهي.
- تعرض الطعام للحرارة يسبب التلف لفيتامين ه و فيتامين ج و معظم مجموعة فيتامينات ب، ما عدا فيتامين ب2 رايبوفلافين و فيتامين ب3 نياسين.
- الطهي في الماء سوف يؤدي إلى إتلاف أو انحلال فيتامين ج و معظم فيتامينات ب بالإضافة لعنصر البوتاسيوم.
- الطهي في الزيت، سوف يؤدي لانحلال أو انخفاض نسبة فيتامين أ و فيتامين د و فيتامين ه.
لكن لا تؤثر جميع أساليب الطهي بنفس الطريقة على كافة أنواع الطعام. بل يمكننا الحفاظ على القيم الغذائية، من خلال اختيار أساليب طهي صحية. و بشكل عام فإن أساليب الطهي التي تتطلب فترة زمنية قصيرة، تؤدي أيضاً إلى فقدان كمية أقل من العناصر الغذائية. و على اعتبار أن الطعام مصدر للمتعة و السعادة بالنسبة لنا، فمن الضروري أن يشبع رغبتنا في تناول الطعام، و يتمتع بمذاق شهي أيضاً.
أساليب الطهي و ميزات كل طريقة و أفضلها للصحة:
الطهي على البخار: Steaming
حيث يتم استخدام الماء في عملية الطهي، لكن دون أن تلامس الطعام. بدلاً من ذلك يتم طهي الطعام بواسطة الحرارة الناتجة عن بخار الماء. زمن الطهي على البخار قصير. و على اعتبار عدم ملامسة الماء. إذاً لن تنحل الفيتامينات في الماء، و لن يخسر الطعام قيمة العناصر الغذائية الموجودة فيه إلا بنسبة بسيطة جداً.
الطهي بالضغط: Pressure cooking
يتضمن استخدام طنجرة ضغط خاصة حيث تسمح لدرجات حرارة عالية. زمن الطهي أقصر من عملية السلق، و كمية العناصر الغذائية التي يفقدها الطعام، أيضاً أقل بالمقارنة مع السلق.
على اعتبار أن كمية العناصر الغذائية التي يفقدها الطعام خلال عملية الطعام بالماء هي عالية جداً. لكنها لا تحتاج إلى إضافة أي دهون أو زيوت. و بالتالي لن تؤدي لزيادة السعرات الحرارية أو الدسم للطعام. و يعتبر الطهي على البخار هو أفضلها، لأنه يحافظ على معظم المواد الغذائية الموجودة في الطعام.
طهي الطعام على النار مع وجود كمية قليلة من السائل و الاحتفاظ به مع وجبة الطعام: Stewing / braising
يستخدم عادةً للحوم أو الأسماك أو الدجاج أو الخضار، لتنشف ماؤها و تنضج. ثم إضافة القليل من السائل مثل صوص للطعام. كلما طالت فترة الطهي و التعرض للحرارة، معنى ذلك فقدان كمية أكبر من فيتامين ج. لكن أي عناصر غذائية أخرى انحلت في السائل أثناء الطهي، لن تفقد قيمتها على اعتبار سوف يتم تقديم الطعام مع الصوص أو الحساء الذي تم تحضيرها به.
الغلي في الماء (السلق) أو إضافته بعد غلي الماء و تركه على نار هادئة دون غليان: Simmering / Boiling
عملية السلق تتضمن الطهي في الماء أو مرق الدجاج و اللحوم، أو غيرها من السوائل. يتم سلق الخضار أو المعكرونة أو الدجاج أو البيض.
يتراوح تأثير الغليان على المحتوى الغذائي بالاعتماد على مدة الغليان.
الخضار تفقد الكثير من عناصرها الغذائية (مجموعة فيتامينات ب و فيتامين ج). أما عملية إضافة الطعام إلى الماء بعد الغليان، فهي تشبه عملية السلق. إنما ضمن درجات حرارة منخفضة و بهدوء أكبر. حيث يتم تسخين السائل إلى أن يصل إلى درجة الغليان, و من ثم خفض درجة الحرارة إلى أقصى درجة. و عدم الاستمرار في الغليان. بالنسبة لتأثيرها على العناصر الغذائية، فالنتيجة واحدة أي مثل عملية السلق، سوف تفقد الكثير من فوائدها.
يُعتبر الطهي على البخار هو أفضل الأساليب السابقة من الناحية الصحية، و أقل خسارة للقيم الغذائية للطعام. لكن بحاجة لوعاء خاص مثل سلة مثقبة أو مصفاة لوضع الطعام بداخلها ، بحيث يدخل بخار الماء إليها و يتم وضع هذه المصفاة فوق وعاء الطهي الممتلئ بالماء، دون أن يتم ملامسة الطعام للماء. و يجب إغلاق الوعاء بإحكام للحفاظ على بخار الماء.
أما عن أساليب الطهي التي تعتمد على الحرارة الجافة:
الخَبز في الفرن: (الشواء داخل الفرن) Roasting
و تتضمن هذه الطريقة طهي الطعام داخل الفرن مع أو بدون إضافة أي زيوت أو مادة دسمة. و تتراوح درجة حرارة الطهي عادةً بين 285 – 400 فهرنهايت. تستخدم عملية الشواء في الفرن عادةً لطهي اللحوم و الأسماك و الخضار.
عملية الشواء في الفرن تسبب تلف فيتامين ج و معظم مجموعة فيتامينات ب، نتيجة الحرارة العالية. و بالنسبة لفيتامين أ و فيتامين ه، قد يتم تلفهم أيضاً في حال وجود كمية إضافية من الزيوت.
بالإضافة لذلك فإن المبالغة بعملية الشواء في الفرن، قد تؤدي إلى تشكل مادة أكريلاميد acrylamide و هو عبارة عن مركب يرتبط مع زيادة خطورة الإصابة بالسرطان. لذلك يجب الحرص أثناء عملية الشواء. و عدم الإفراط في زمن الشواء إلى أن يصل الطعام لدرجة الاحتراق!
الطهي على الحرارة الجافة مع تغطية أرضية المقلاة فقط لمنع الالتصاق: Sauteing
و تتمثل هذه الطريقة بطهي الطعام ضمن مقلاة على الحرارة الجافة. لكن قد تتطلب عادةً إضافة كمية قليلة جداً من الزيوت لتغظية أرضية الوعاء فقط، و منع التصاق الطعام في المقلاة.
تستخدم هذه الطريقة غالباً لطهي الخضار و بعض أنواع شرائح اللحوم أو الدجاج منزوعة الجلد و العظم. يكون زمن الطهي عادةً قصير بالمقارنة مع أساليب الطهي الأخرى. و بالتالي كمية المواد الغذائية التي يفتقدها الطعام قليلة أيضاً.
الشواءأو تحمير وجه الطعام: Grilling or broiling
و يتضمن ذلك الشواء على االفحم أو اللهب سواءً مع أو بدون إضافة أي دسم.
الفيتامينات الحساسة للحرارة مثل فيتامين ج و مجموعة فيتامينات ب سوف تفقد قيمتها الغذائية كما يتم ذوبان الدهون أيضاً.
هنالك مجموعة واسعة جداً من الأطعمة التي يتم طهيها بالاعتماد على الشواء أو تحمير الطعام في الفرن (تسليط الحرارة من أعلى الطعام فقط). من الأمثلة على ذلك المعجنات و البيتزا بالإضافة للبطاطا و غيرها من الخضار و اللحوم.
لكن من الضروري أيضاً الانتباه لعدم الإفراط في عملية الشواء، كما هو الحال بالنسبة للخَبز في الفزن. نظراً لتشكل مادة أكريلاميد عند الوصول لدرجة الاحتراق و الإفراط في عملية الشواء.
الميكرويف: Microwave
يعتمد البعض على الميكرويف لطهي الطعام أو إعادة تسخينه. من ناحية تُعتبر هذه الطريقة في الطهي جيدة و تحافظ على القيم الغذائية الموجودة في الطعام، عدا عن زمن الطهي القصير بالاعتماد مع أساليب الطهي الأخرى.
لكن من ناحية اخرى، تشير بعض الأبحاث إلى أن تعرض الطعام الدائم لأشعة الأمواج الدقيقة الصادرة عن الميكرويف، تؤثر على الطعام و قد تلحق الضرر بالجسم. بالإصافة لذلك فإن درجة الحرارة المنخفضة التي يتم الاعتماد عليها في الميكرويف، غير كافية للقضاء على البكتيريا الموجودة في الطعام.
أساليب الطهي التي تعتمد على استخدام الزيوت و المواد الدسمة:
القلي العميق في الزيت! Deep-frying
و هو أسوأ أساليب الطهي على الإطلاق. عندما يتم غمس الطعام بالكامل داخل الزيت المغلي الذي تم تسخين درجة حرارته إلى أن يصل بين 285 – 375 درجة فهرنهايت. كما هو الحال عند تحضير البطاطا المقلية أو قلي القرنبيط أو شرائح الدجاج المغمسة بالدقيق أو البقسماط (الكعك المطحون).
هذه الطريقة في الطهي لا تفقد كمية كبيرة من العناصر الغذائية كما هو الحال عند الاعتماد على السلق. لكن على اعتبار أن الطعام سوف يمتص الزيت المغلي، إذاً عدد السعرات الحرارية و محتوى الدهون و الدسم الموجود في هذه الوجبة سوف يرتفع بشكل هائل أيضاً. مما يحول وجبة الطعام إلى وجبة غير صحية بل و ضارة أيضاً.
قلي الطعام بكمية قليلة من الزيت: Stir-frying
تعتمد هذه الطريقة على درجات حرارة عالية و كمية قليلة فقط من الزيت. و نتيجة زمن الطهي القصير، لن يفقد الطعام كمية كبيرة من العناصر الغذائية. و على اعتبار أن كمية الزيت المضافة هي قليلة، إذاً لن يتم إضافة كمية كبيرة من السعرات الحرارية لوجبة الطعام.
و لمزيد من التفاصيل عن نسبة الفيتامينات التي سوف يفتقدها الطعام بالاعتماد على طريقة الطهي، إليك ما يلي:
- عملية السلق: يفقد الطعام من 35 – 60 % من القيم الغذائية.
- الطهي على البخار: يفقد الطعام من 10 – 25% .
- الطهي في الميكرويف: يفقد الطعام من 5 – 25 %.
- الطهي باستخدام طنجرة الضغط: يفقد الطعام من 5 -10 %.
- الشواء او الخَبز في الفرن: يفقد الطعام 10 – 47 %.
- الشواء على الفحم أو اللهب أو تحمير الطعام من الأعلى: يفقد الطعام 10 – 12 %.
- القلي: يفقد الطعام 7 – 10 %
مع الأخذ بعين الاعتبار لعدد السعرات الحرارية المضافة (في عملية القلي خاصةً). و خطورة تشكل مادة أكريلاميد في عملية الشواء أو الخَبز.
كيف تجعل عملية الطهي التي تتبعها، صحية بشكل أكبر؟
بغض النظر عن الطريقة التي تختارها في طهي الطعام. إليك بعض النصائح و الخطوات التي تساعد في الحفاظ على القيم الغذائية قد الإمكان:
- عند طهي الطعام بأي طريقة كانت، حاول طهي الخضار مثلاً إلى أن تصبح طرية لكن دون المبالغة في الطهي إلى أن تصبح هشة!
- قدم الطعام مباشرةً عند انتهائه من الطهي. لأن ترك الطعام دافئ لفترة أطول، يؤدي إلى فقدان كمية أكبر من فيتامين ج.
- باعتبار معرفتك أن الطعام المطهي يفقد بعض عناصره الغذائية، إذاً يجب عليك الاعتماد على كمية أكبر من الأطعمة الخام النيئة من الخضار و الفواكه سواءً كوجبة خفيفة (سناك) بين الوجبات الرئيسية أو كطبق سلطة أساسي يومياً. للتأكد من حصولك على كمية كافية من فيتامين ج و مجموعة فيتامينات ب.
- عند الحاجة لإضافة أي زيت أو ماة دسمة أثناء الطهي. ينصح بالاعتماد على الزيوت الصحية الغنية بالدهون غير المشبعة مثل زيت الزيتون أو زيت كانولا. لكن مع الانتباه للكمية المضافة و عدم المبالغة أو الإفراط في كمية الزيوت.
- استخدام ماء الطهي لتحضير الشوربة أو مرق الدجاج أو طهي الأرز مثلاً. و ذلك للحصول على الفائدة من الفيتامنيات المنحلة في ماء الطهي. إذا لم تكن بحاجة لها في الوقت الحالي. يمكنك وضعها في الفريزر و استخدامها لاحقاً.
- عند القيام بعملية الشواء، تأكد من نضج اللحوم جيداً، يحيث لا تكون رطبة قليلة النضج. و لا تبالغ في طهيها فتصل لدرجة الاحتراق.
المراجع:
https://www.verywellfit.com/healthiest-cooking-method-4153101
http://healthland.time.com/2013/02/01/the-healthiest-cooking-methods-explained/
https://www.health.com/nutrition/healthiest-cooking-methods#1-cooking-methods-healthiest
الصور المرفقة:
https://www.flickr.com/photos/74944917@N02/
https://www.flickr.com/photos/yourbestdigs/