تقلبات المزاج هي ظاهرة شائعة تستخدم لوصف التقلبات العاطفية السريعة.
غالباً ما يصف الشخص تقلبات المزاج مثل عجلة دوارة، تتنقل بسرعة من مشاعر السعادة و الرضا، إلى الغضب و الانفعال و حتى الاكتئاب.
قد يميز الشخص حدوث أمراً ما، حفّز على تقلب المزاج لديه، مثل بعض أوقات ضغوطات العمل. لكن في بعض الأحيان قد يحدث تقلبات في المزاج، دون حدوث أي سبب يدعو لذلك!
كما قد يختبر الشخص تغيرات في المزاج، إذا كان يعاني من مشاكل نفسية و اضطرابات عقلية.
الأسباب الشائعة لتقلبات المزاج:
أي شخص منا قد يشعر بتقلبات في مزاجه من حين لآخر.
لكن إذا حدث ذلك بشكل متكرر، أو كانت الشدة عالية، بحيث تعيق أنماط الحياة اليومية، أو تؤثر على العمل و العلاقات الاجتماعية، قد يكون هذا مؤشر لوجود مشكلة صحية كامنة بحاجة لعلاج.
التغيرات الداخلية التي تحدث طوال حياتنا، تؤثر على مزاجنا. لكن الأمر لا يقتصر فقط عما يحدث في داخلنا. بل هذه استجابة منا أيضاً على ما يحدث من حولنا.
التغيرات الخارجية التي تطرأ على حياتنا و البيئة المحيطة بنا، مثل زيادة ضغوطات المنزل أو المدرسة أو العمل، يؤثر أيضاً على مشاعرنا.
المرض و الإصابة:
على الرغم من أن مصطلح تقلبات المزاج، له جدراً عاطفياً. إلا أن هذه التحولات قد ترتبط أيضاً بالأمراض المزمنة و الإصابات الحادة التي تؤثر على الدماغ، مثل الخَرَف أو الارتجاج أو السكتة الدماغية.
يمكن أن تسبب المشاكل الصحية الأخرى، خاصةً الحالات العصبية، تقلبات مزاجية. بما في ذلك:
مراحل النمو و التطور:
غالباً ما يظهر الأطفال الصغار متقلبي المزاج، يطلقون نوبات غضبهم لأنها تعلمهم كيفية التحكم بمشاعرهم.
بينما تعتبر هذه التغيرات هي جزء طبيعي من النمو العاطفي، لكن تقلبات المزاج عند الأطفال أيضاً قد تكون علامة على اضطرابات عقلية كامنة عند الأطفال، أو حتى مؤشر على مرض جسدي!
على سبيل المثال، فإن الأطفال و المراهقين الذين يعانون من اضطراب نقص الانتباه و فرط الحركة، قد يختبرون تقلبات في المزاج، تؤثر على علاقتهم مع أصدقائهم و سلوكهم في المدرسة.
مع تقدم الأطفال في السن، تستمر التقلبات المزاجية في أن تكون جزءاً طبيعياً من نموهم. و مع الوقت الذي يدخل فيه الطفل سنوات قبل المراهقة، تزداد تقلبات المزاج لديه، لتصل إلى أوجها خلال فترة المراهقة. ثم تستقر بشكل تدريجي عند بلوغ سن الرشد.
الحساسية:
إذا كنت تعاني من الحساسية الموسمية، قد تجد أن تقلبات المزاج لديك تتأثر بفصول السنة، التي تظهر لديك فيها أعراض الحساسية.
العطاس المتواصل و زيادة إفراز الدموع و سيلان الأنف و الحكة، جميع هذه الأعراض قد تؤدي للإحساس بالإرهاق و التعب، خاصةً في حال تعارضت هذه الأعراض مع النوم.
و بالمثل، فإن الشعور بتوعك أو تهيج، قد يصعب عليك التركيز. خاصةً إذا كانت الحساسية تسبب أعراض أخرى كالتهاب الحلق أو الصداع.
تناول بعض الأدوية:
البدء باستخدام أدوية جديدة أو التوقف عن استخدامها، قد يؤثر على مزاج الشخص.
في حين يتوقع أن تؤثر الأدوية المضادة للاكتئاب على مزاج الشخص. فإن الأدوية الموصوفة لأسباب أخرى، قد تسبب أيضاً تقلبات مزاجية كأثر جانبي.
على الرغم من أن تقلبات المزاج قد تكون من أعراض الاكتئاب أو غيره من المشاكل الصحية. بعض الأدوية المستخدمة لعلاج هذه الاضطرابات، قد تسبب تغيرات في المزاج.
في بعض الأحيان، تشير تقلبات المزاج هذه إلى أن الدواء المستخدم هو ليس الخيار الصحيح للعلاج. أو التشخيص المعتمد للمرض لم يكن الاختيار الصحيح.
على سبيل المثال، المريض الذي يعاني من اضطراب ثنائي القطب، قد يُساء تشخيصه على أنه مريض اكتئاب. و يتم وصف أدوية مضادة للاكتئاب له. لكن بعض أنواع أدوية الاكتئاب، قد تحفز على نوبات الهَوَس لدى بعض مرض ثنائي القطب. و بالمثل أيضاً، يمكن للأشخاص الذين يأخذون المنشطات، أن يواجهوا تغيرات مزاجية مكثفة، بما في ذلك الغضب.
الهرمونات:
من الأسباب الأخرى المحتملة لتقلبات المزاج كذلك، نذكر التغيرات في مستويات الهرمونات، خاصةً هرمون الإستروجين لدى الإناث.
هذه التقلبات في مستوى الهرمونات هو أمر طبيعي لدى الإناث، فهو يتغير على مدار الدورة الشهرية. و له تأثير واضح على المزاج.
و لنفس السبب، تعتبر تقلبات المزاج من الاستجابات الشائعة جداً لأسباب أخرى لتغير مستوى الهرمونات مثل الحمل أو انقطاع الطمث.
بعض أنواع حبوب منع الحمل قد تساعد في تخفيف تقلبات المزاج المرتبطة مع الدورة الشهرية. لكن في حالات أخرى فإن هذه التغيرات في المزاج، قد تكون من التأثيرات الجانبية لهذه الأدوية!
تقلبات المزاج و الصحة العقلية:
في حين أن تقلبات المزاج، هي من الحالات الطبيعية تماماً، الناجمة عن حالات التوتر و الإجهاد. لكن في بعض الأحيان فإن تقلبات المزاج هذه، قد تشير لوجود مشكلة عقلية كامنة بحاجة لعلاج.
عند تشخيص اضطرابات الصحة العقلية، خاصةً اضطراب ثنائي القطب، فإن شدة تقلبات المزاج و سرعة تغيرها و تكرار حدوثها، يشار إليه في بعض الأحيان بالقدرة العاطفية.
بكل الأحوال فإن تقلبات المزاج هذه لا تقتصر فقط على مرضى الاضطرابات العقلية. بل نجدها كذلك لدى مرضى السكتة الدماغية و الزهايمر و الذين يتعرضون لإصابة على الدماغ و غيرها من المشاكل الصحية.
إذا كنت تعاني من تقلبات مزاجية، بالمشاركة مع أعراض عصبية أخرى أو مؤشرات أخرى تدل على وجود مشاكل في الصحة العقلية، يجب عليك استشارة الطبيب.
فهم الأسباب الكامنة هو ضروري جداً لإيجاد الطريقة الفعالة للتحكم بتقلبات المزاج هذه.
الاكتئاب:
مشكلة تقلبات المزاج شائعة جداً لدى مرضى الاكتئاب، خاصةً في الحالات التي يُهمَل علاجها!
قد يتغير مزاج الشخص من حالات الانفعال و التهيج إلى الحزن الشديد إلى اندلاع الغضب!
الشخص الذي يعاني من الاكتئاب، قد يلاحظ وجود أعراض أخرى مثل:
- الشعور بالحزن و فقدان الأمل
- عدم الاستمتاع في أداء أي من نساطاته السابقة المفضلة
- المعاناة في النوم أي صعوبة النوم، أو العكس أي أن ينام كثيراً كأنه يهرب من الواقع
- الشعور بالتعب و الإنهاك الدائم
- صعوبة في التركيز و اتخاذ القرارات
- أفكار انتحارية أو انعدام الرغبة في الحياة
اضطراب ثنائي القطب:
تقلبات المزاج هي السمة المميزة لاضطراب ثنائي القطب.
تقلبات المزاج لدى مرضى اضطراب ثنائي القطب، قد تتضمن بعض أعراض الاكتئاب أو هجمات الهَوَس.
خلال فترات الهوس، فيختبر المريض بعض هذه الحالات:
- التحدث كثيراً و بسرعة
- الإفراط في الغضب و ردود الأفعال
- الانخراط في أداء سلوكيات خطيرة
- النوم أقل من المعتاد، أو عدم الشعور بالتعب و لا النعاس
- يبدو أكثر نشاطاً و يتبنى الكثير من الأهداف،أكثر من المعتاد، (فيتحدث عن مشاريع جديدة و العمل بشكل أكبر و جهد أعلى و البدء بممارسة هواية جديدة).
خلال فترات الاكتئاب، فإن مريض اضطراب ثنائي القطب قد يختبر ما يلي:
- الشعور بانعدام الأمل و قلة القيمة
- التوقف عن أداء أي شيء كان يستمتع به سابقاً
- يبدو حزيناً كثير البكاء و دموعه دائماً على أهبة الاستعداد
- يشعر أنه غير قادر على التركيز على التفكير أو أداء المهام
- ينام أكثر من المعتاد، أو العكس أي غير قادر على النوم
- يتناول كميات أكبر من الطعام المعتاد أو العكس، أي أقل من المعتاد، و بالتالي إما يكتسب الكثير من الوزن أو يفقد الوزن سريعاً.
- لديه أفكار انتحارية!
أنماط الحياة اليومية و العوامل الخطيرة المؤدية لتقلبات المزاج:
هنالك العديد من العوامل التي تلعب دوراً في تقلبات المزاج. و أكبر عامل مساهم في ذلك يتضمن العادات الغذائية و النوم و سوء استخدام الأدوية أو العقاقير الطبية.
النظام الغذائي:
الشخص الذي يتناول الأطعمة غير الصحية أو لا يحصل على حاجة جسمه من العناصر الغذائية، هو أكثر عرضة للإصابة بتقلبات المزاج، استجابةً لتقلبات مستوى السكر في الدم و سوء التغذية.
على سبيل المثال، إذا لاحظت تحسن مزاجك بعد تناول وجبة الإفطار أو الحصول على كوب القهوة الصباحي، فقد يكون سبب مزاجك السيئ صباحاً هو انسحاب الكافئين من الجسم، أو انخفاض مستوى السكر في الدم.
الاضطرابات الهضمية تؤثر على قابلية الجسم على امتصاص المواد الغذائية، كما هو الحال بالنسبة لمرضى داء سيلياك و التهاب الأمعاء. هذه المشاكل أيضاً تعتبر من العوامل المؤدية لتقلبات المزاج.
النوم:
للنوم تأثير كبير جداً على مزاج الإنسان. كمية النوم التي نحصل عليها يومياً و جودة النوم لها دور كبير ينعكس على سلوك الإنسان في اليوم التالي.
قلة الحصول على النوم، خاصةً إذا كانت هذه المشكلة مزمنة و متكررة، لها تأثير كبير على تقلبات المزاج و غيرها من الأعراض النفسية و الجسدية.
سوء استخدام العقاقير:
الأشخاص الذين يعانون من سوء استهلاك العقاقير الطبية أو المخدرات و حبوب الهلوسة و الماريجوانا (القنب) و غيرها، هم أكثر عرضة للإصابة بتقلبات المزاج، خاصةً إذا لم يتمكنوا من الحصول على هذه المواد الضارة.
كما قد يعانون من تقلبات المزاج، في مرحلة الانسحاب، إذا كانوا يحاولون الإقلاع عن تعاطي المخدرات.
كيفية التعامل مع حالات تقلبات المزاج:
قد يكون من الصعب التعامل مع تقلبات المزاج، خاصةً إذا كانت تتداخل مع حياتك اليومية أو المدرسة أو العمل، و علاقاتك الاجتماعية.
- حالات تقلبات المزاج المتكررة و الشديدة، يجب أن يتم مناقشتها مع الطبيب. فأنت بحاجة لاكتشاف الأسباب الكامنة وراءها قبل أن يتم علاجها بفعالية.
إذا كان سبب تقلبات المزاج، هو نتيجة وجود مرض نفسي كامن، فإن تناول بعض الأدوية النفسية أو الحصول على العلاج السلوكي المعرفي، قد يساعد في التغلب على مشكلة تقلبات المزاج.
- أما بالنسبة لحالات تقلبات المزاج الخفيفة أو الأقل تكرراً، يمكنك التغلب عليها من تلقاء نفسك. خاصةً إذا انتبهت للعوامل المحفزة لذلك.
الخطوة الأولى هي معرفة العوامل المحفزة على تقلبات المزاج في حياتك و البيئة المحيطة بها، مثل حالات التوتر و الضغوطات أو قلة النوم أو عدم تناول فنجانك القهوة الصباحي، هو السبب في تقلبات مزاجك.
للتحكم بتقلبات المزاج هذه و معرفة كيفية التعامل معها و تجاوزها، قد ترغب بتجربة أساليب مختلفة مثل:
- ممارسة التمارين الرياضية بشكل منتظم
- إجراء تعديلات على نظامك الغذائي
- تعلم تقنيات التحكم بحالات التوتر و الضغوطات
- الحرص على مواعيد نوم ثابتة يومياً لتعزيز جودة نومك و ضبط الساعة البيولوجية
- معالجة أي مشكلة تتعلق بتعاطي المواد المخدرة في حياتك و كيفية التخلص منها
الخُلاصة:
حالات تقلبات المزاج الخفيفة التي تصيبنا من حين لآخر، هي أمر في منتهى الطبيعة و لا شيء يدعو للقلق ما دام لا يتعارض مع جودة حياتنا و لا يؤثر على إنتاجيتنا.
لكن في حال ازدادت حالات تقلبات المزاج بشكل متكرر، أو أصبحت أكثر شدة، بحيث تعيق أعمالنا و تؤثر على نفسيتنا و سلوكنا، يجب استشارة الطبيب. و معاً يتم تحديد الأسباب الكامنة لتقلبات المزاج و كيفية التغلب عليها.
أسأل الله تعالى لكم جميعاً دوام الصحة و العافية و أن تكونوا دائماً في أحسن حال. دمتم بخير 🙂
المراجع:
https://www.psychiatrist.com/pcc/bipolar/diagnosis-treatment-bipolar-disorder-decision-making
https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/S0278262615000640?via%3Dihub
https://journalbipolardisorders.springeropen.com/articles/10.1186/s40345-018-0133-9
https://acamh.onlinelibrary.wiley.com/doi/10.1111/j.1469-7610.2010.02217.x
https://www.webmd.com/bipolar-disorder/are-my-mood-swings-normal
https://www.frontiersin.org/articles/10.3389/fpsyt.2016.00174/full
https://www.verywellmind.com/what-are-mood-swings-1067178
https://journals.sagepub.com/doi/10.1177/0956797611417255
https://www.liebertpub.com/doi/10.1089/dia.2011.0191
https://psycnet.apa.org/record/1985-09608-001