الرهاب أو الفوبيا: هو عبارة عن خوف غير منطقي، و نوع من اضطرابات القلق التي تصيب الفرد تجاه حالة معينة أو مكان أو شيء ما.
الأفراد الذين يعانون من داء الرهاب تجاه شيء ما، يفعلون أقصى ما في وسعهم لتجنب الخطر الذي يتصورونه، و الذي هو بنظرهم أكبر بكثير من الواقع. و في حال تم مواجهة المريض مع مصدر الخوف بالنسبة له، سوف يعاني من حالة توتر و معاناة بالغة، و التي تؤثر على نمط حياته اليومية، و مهامه الطبيعية. و في بعض الأحيان قد تؤدي إلى حالة هيستيريا. بالنسبة لبعض المرضى، مجرد التفكير بمصدر الخوف لديهم، يولد حالة مرعبة من التوتر و القلق.
مرض الرهاب هو أكثر خطورة و جدية من حالات الخوف البسيطة. فالشخص الذي يعاني من الرهاب، لديه حاجة ملحة لتجنب أي شيء يحفز على مصدر القلق بالنسبة له. على الرغم من معرفة المريض أن خوفه غير منطقي، لكن لا يمكنه التحكم به و السيطرة على شعوره.
أنواع مرض الرهاب:
الرهاب البسيط أو المحدد:
و هو عبارة عن خوف غير طبيعي تجاه حالات محددة، أو أماكن أو أشياء أو نشاطات معينة. مثال على ذلك: الخوف من طبيب الأسنان. أو الخوف الشديد من حيوان معين كالكلب أو العصفور أو الذبابة أو العناكب.
الرهاب المعقد:
و الذي يرتبط بحالات أعمق من الخوف أو القلق تجاه حالات و ظروف معينة يصعب تجبنها. مما يعيق حياتهم اليومية، و يؤثر عليها بشكل أكبر من الرهاب البسيط.
و تتضمن:
- الرهاب الاجتماعي: و الذي يُعرف أيضاً باسم اضطراب القلق الاجتماعي. حيث يخاف المريض من الاختلاط مع الناس. و بالتالي يتجنب الحفلات و المناسبات و الاجتماعات. بالإضافة لذلك هنالك حالات من الرهاب الاجتماعي، تتمثل بالخوف الشديد من التعرض للحرج أمام العامة. و الخوف من حكم الأشخاص عليه و رأيهم به. و بالتالي ينعزل المريض اجتماعياً. و يتحول ذلك لمرض الاكتئاب. بعض حالات البدانة، قد تتطور لاضطراب القلق الاجتماعي بسبب وزنهم الزائد.
- الرهاب من الأماكن المكشوفة. حيث يخاف المريض من التواجد في الأماكن و الساحات المكشوفة و المولات. و بالتالي النتيجة كما الحالة السابقة، الانعزال التام.
الحالات البسيطة من الرهاب، قد تبدأ عادةً خلال سنوات الطفولة. و تختفي غالباً في أواخر سنوات المراهقة. لكن حالات الرهاب المعقدة، تبدأ خلال فترة المراهقة. و تزداد تدرجياً مع التقدم في السن.
الأنواع الأكثر شيوعاً لداء الرهاب:
بالإضافة لما سبق، تتضمن حالات الرهاب ما يلي:
- الخوف من الأماكن الضيقة أو المظلمة.
- الخوف من ركوب الطائرة أو قيادة السيارة.
- الخوف من البقاء وحيداً.
- الخوف من المناطق المرتفعة.
- الخوف من الإصابة بالمرض.
أعراض مرض الرهاب:
تبدأ حالة الرهاب عندما يقوم المريض بتنظيم حياته بشكل يتجنب من خلاله مصدر خوفه. و تشمل الأعراض النفسية و الفيزيولوجية ما يلي:
- عند التعرض لمصدر الخوف، يمر المريض بحالة من القلق غير قادر على التحكم بها و السيطرة عليها.
- الشعور و الرغبة الملحة بتجنب مصدر الخوف مهما كلف الثمن.
- عندما يتم مواجهة المريض مع مصدر الخوف، تزداد حالة القلق بشكل رهيب، بحيث يصبح المريض غير قادراً على العمل بفعالية.
- عدم قدرة المريض على التحكم بانفعالاته أو السيطرة على تصرفاته.
أما من الناحية الفيزيولوجية فتتضمن الأعراض ما يلي:
- تسارع ضربات القلب.
- التعرق.
- اضطراب في معدل التنفس.
- القشعريرة وهبات ساخنة.
- ارتفاع ضغط الدم.
- ألم و ضيق في الصدر و الإحساس بالاختناق.
- جفاف الفم.
- الشعور بالوخز.
- التشوش و الارتباك.
- الغثيان و الدوار.
- الصداع.
يبدأ الشعور بالقلق من مجرد التفكير بمصدر الخوف. و بالنسبة للأطفال قد يبدؤون بالبكاء و الصراخ، و يختبئون خلف والديهم. و بشكل عام تعاني النساء من داء الرهاب بنسبة أعلى من الرجال.
أسباب داء الرهاب:
من غير المألوف أن تبدأ حالات الذهان بعد ال30 من العمر. بل تبدأ عادةً خلال فترة الطفولة أو المراهقة. و قد تنتج عن حالة معينة أو ظرف يدعو للقلق، أو تجربة مزعجة مرّت مع المريض سابقاً.
هنالك مناطق محددة من الدماغ، وظيفتها تسجيل و تخزين الأحداث المرعبة و الخطيرة التي مررنا بها. و تتضمن هذه المناطق، قشرة الفص الجبهي الأنسي و الكتلة اللوزية الشكل من المادة الرمادية (السنجابية). التي تتواجد في كل نصف كرة مخية.
في الأحداث المستقبلية، إذا تكررت ظروف مشابهة، هذه المناطق من الدماغ تُعيد نفس الذاكرة. مما يسبب ردة فعل الجسم، كما لو كان نفس الموقف يحدث مرة أخرى.
وجد العلماء أن مرض الرهاب يرتبط غالباً مع المنطقة الرمادية التي توضع خلف الغدة النخامية في الدماغ. و التي تستطيع تحفيز و تحرير الهرمونات المتعلقة بالخوف و التوتر. مما يدفع الجسم للبقاء في حالة انتباه و توتر عالية.
أسباب حالات الرهاب البسيطة:
تتطور عادةً في مرحلة الطفولة بين 4-8 سنوات. في بعض الحالات قد تنتج عن شيءٍ ما حدث في وقت مبكر من الحياة.
يؤكد الأطباء و الخبراء أن حالات الرهاب البسيطة التي تنتقل من الآباء للأبناء، لا يتم توارثها جينياً. أي لا علاقة للعامل الوراثي بها. إنما تم اكتسابها و تعلم الخوف من الآباء.
أما بالنسبة لحالات الرهاب المعقدة:
فلا زالت الأسباب غامضة و غير واضحة. لكن يؤكد الباحثون أن أسباب الرهاب المعقد يعود لعدة عوامل و تجارب حدثت في الحياة و ترابطت معاً. تتضمن هذه العوامل النواقل الكيميائية في الدماغ و العوامل الوراثية كذلك.
الاختبارات و التشخيص:
إن المرضى الذين يعانون من داء الرهاب، يشعرون بذلك عادةً و لا ينكرونه. مما يجعل الأمر أكثر سهولة لتشخيص المرض و مناقشة الأعراض مع الطبيب.
حتى في حالات عدم تجاوب المريض مع الطبيب، يمكن تشخيص ذلك بوضوح من خلال أعراض و سلوك المريض.
أساليب علاج مرض الرهاب:
تعتمد بعض أنواع العلاجات الفعالة على تنظيم منطقة الدماغ المسؤولة عن الذاكرة. و استبدال المعلومات القديمة و ردود الأفعال بأمور أخرى أكثر عقلانية.
إذا لم يسبب الرهاب مشاكل شديدة، يجد معظم المرضى أن تجنب مصدر الخوف كافٍ للبقاء في أمان. لكن بعض حالات الرهاب من المستحيل تجنبها. و لحسن الحظ هنالك خيارات علاجية فعالة للشفاء.
يختص العلاج بكل حالة على حدا حتى يبدي فعاليته. أي لا يوجد علاج واحد مناسب لكافة الأفراد.
قد يلجأ الطبيب لاتباع العلاج السلوكي، أو العقاقير الطبية أو المشاركة بينهما. و يهدف العلاج إلى تخفيف الأعراض. و مساعدة المريض على التحكم بردود أفعاله تجاه مصدر الخوف لديه.
العقاقير الطبية لعلاج الرهاب:
- حاصرات بيتا: تساعد على خفض شدة الأعراض، كخفقان القلب و الرجفة. تتضمن التأثيرات الجانبية الناتجة عنه: الإرهاق و التعب، و اضطرابات في النوم و برودة في أطراف الأصابع و اضطرابات في المعدة و الهضم.
- مضادات الاكتئاب: من الأدوية المضادة للاكتئاب الشائعة الاستخدام لعلاج الرهاب، مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين. حيث تؤثر على مستويات الناقل العصبي السيروتونين في الدماغ. و بالتالي ينتج عنه تحسن المزاج و الحالة النفسية للمريض. في بداية تناول الدواء، قد يسبب التأثيرات الجانبية التالية: الغثيان، اضطرابات في النوم و الصداع.
- و من مضادات الاكتئاب أيضاً: ثلاثية الحلقة مثل مادة كلوميبرامين (أنافرانيل)، التي أظهرت نتائج فعالة في تخفيف أعراض الرهاب. تتضمن التأثيرات الجانبية الناتجة عنها: الأرق و اضطرابات في النوم، تشوش الرؤية، الإمساك، صعوبة في التبول، عدم انتظام في معدل ضربات القلب، جفاف الفم، الارتعاش.
- إذا لم تبدي مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين أي فعالية، قد يلجأ الطبيب لاستخدام مثبطات مونو أمين أوكسيداز، في حالة الرهاب الاجتماعي. و من الأمثلة على ذلك مادة موكلوبيميد. إن المرضى الذين يتناولون مثبطات مونو أمين أوكسيداز، قد يحتاجون لتجنب بعض الأطعمة. التأثيرات الجانبية الناتجة عن تناول هذه الأدوية: الدوار، اضطرابات في المعدة، الصداع، عدم الراحة، اضطرابات في النوم.
- المهدئات: مثل مادة بينزوديازيبين التي تعمل على تخفيف أعراض القلق. لكن بالنسبة للمرضى الذين كانوا يعانون سابقاً من إدمان الكحول، لا يجب عليهم تناول هذه المهدئات.
العلاج السلوكي:
إزالة الحساسية: (العلاج بالتعرض لمصدر الخوف):
مما يساعد المريض في تخفيف ردود أفعاله تجاه مصدر الخوف. يتم تعريض المريض لمصدر خوفه بخطوات تدريجية متقدمة.
على سبيل المثال: شخص ما يخاف من الطيران، يبدأ العلاج معه فقط في أن يفكر بالطيران. ثم النظر إلى الطائرة، ثم الذهاب إلى المطار. و ربما الجلوس في حافلة الطائرة،و أخيراً صعود الطائرة.
العلاج السلوكي المعرفي:
يقوم الطبيب بتعليم و توعية المريض حول طرق مختلفة في إدراك مصدر الخوف. و بهذا قد يجد الأمر أسهل للتعامل.
يتم تعليم المريض وجهات نظر بديلة عن مخاوفه. و عن التأثيرات الناتجة عن معتقداته الخاطئة. و كيف أن تصحيح هذه المعتقدات تؤثر على نمط حياته. و أهم نقطة هو تعليم المريض كيف يسيطر على مخاوفه و يتحكم بمشاعره الخاصة.
المراجع:
http://www.medicalnewstoday.com/articles/249347.php
http://www.healthline.com/health/phobia-simple-specific
http://www.webmd.com/anxiety-panic/specific-phobias#1
http://www.nhs.uk/Conditions/Phobias/Pages/introduction.aspx
الصورة المرفقة:
https://www.flickr.com/photos/lauralewis23/