أسعد الله أوقاتكم بكل خير إخوتي الكرام من مختلف أنحاء العالم.
يُعرف الصمت على أنه “الغياب التام للصوت”، وصدّق أو لا تصدّق، هناك فوائد كبيرة للصمت. ومع ذلك، في عالم محاط بمستويات عالية من “التلوث الضوضائي” بسبب الأخبار المستمرة، والتنبيهات الهاتفية، ووسائل التواصل الاجتماعي، وغيرها، قد يكون العثور على لحظات من الصمت أمراً صعباً في وقتنا الحالي!
للأسف، يعتقد علماء النفس أن هذا الوضع يضر بنا، حيث أثبتت الدراسات أن الوقت الهادئ والتأملي مفيد للصحة العامة بعدة طرق، خاصةً فيما يتعلق بتخفيف التوتر.
ما هي قوة الصمت؟
يرتبط الصمت والعزلة ببعضهما البعض، وكلاهما مرتبط بتحسين الصحة النفسية عند ممارستهما بشكل متوازن ومعتدل، (حيث إن الإفراط فيهما قد يزيد من مشاعر الوحدة).
وفقًا للعديد من الدراسات، فإن فوائد الصمت مشابهة لفوائد التأمل وتشمل: تقليل أعراض القلق، والتخفيف من الأفكار المزعجة، بالإضافة إلى تحسين التركيز والإبداع وحتى الصبر.
ما هي فوائد الصمت؟
يدور الصمت حول تخصيص وقت مقصود للهدوء والسكون. كلمة “مقصود” هنا مهمة، حيث إن معظمنا لا يختبر الكثير من الصمت في هذه الأيام إلا إذا سعينا إليه بأنفسنا.
على الرغم من أن ثقافتنا تدفعنا باستمرار إلى استهلاك المعلومات والمحتوى (وهو متاح على مدار الساعة بفضل التكنولوجيا الحديثة)، فإن الصمت يظل جزءاً مهماً من تعزيز عقلية هادئة ومركّزة.
وفقًا للخبراء، إليك بعض الفوائد المحتملة للصمت:
1. تعزيز الوضوح الذهني:
تُظهر العديد من الدراسات أننا نستطيع التفكير ومعالجة مشاعرنا بشكل أوضح عندما لا تشتتنا الضوضاء في بيئتنا. ومع وضوح الذهن، يصبح لدينا القدرة على اتخاذ قرارات أفضل.
قد تجد أنه بعد وقت من الصمت، تصبح أكثر فهماً لما تريد وما لا تريد، وكيف تشعر، وما يحتاج إلى انتباهك، وما يمكن تأجيله ليوم آخر.
2. تعزيز الوعي الذاتي:
الجلوس في هدوء وسكون، تماماً مثل التأمل الذهني، يُعد من أفضل الطرق المعروفة لزيادة الوعي بمشاعرك وممارسة التأمل الذاتي.
يجد الكثير من الناس أن العزلة والصمت يسمحان لهم بالتواصل مع “الصوت الداخلي” لديهم، والتوقف عن قمع المشاعر أو الأفكار التي عادةً ما يتم تجاهلها.
تمنحك زيادة الوعي الذاتي العديد من المزايا في الحياة، مثل:
- تعزيز التواصل وتحسين علاقاتك
- تحديد الأنماط السلبية في حياتك
- تحسين مستوى السعادة العامة
- مواءمة قيمك مع أفعالك
3. المساعدة على الإنتاجية:
غالباً ما يؤدي الهدوء وزيادة التركيزإلى تحسين الإنتاجية عندما يحين وقت العمل واتخاذ القرارات. والعكس صحيح أيضاً: يجد العقل المرهق والمشتت صعوبة في التركيز، مما يجعل تحقيق التقدم أمراً صعباً!
تشير بعض الأبحاث إلى أن الصمت يمكن أن يحفز نمو خلايا دماغية جديدة في أجزاء من الدماغ المسؤولة عن التعلم واتخاذ القرارات.
بالإضافة إلى ذلك، تم العثور على روابط بين البيئات الهادئة لدى الأطفال وتحسين قدراتهم على التعلم والإنجاز كطلاب. فالبيئات المدرسية المليئة بالضوضاء تزيد من خطر ضعف الأداء المدرسي، والذي يعود غالباً لصعوبة التركيز وتذكر المعلومات.
4. زيادة الإبداع:
يمكن أن تكون أحلام اليقظة والعصف الذهني بصمت، جزءاً مهماً من العملية الإبداعية، حيث تُولد الأفكار.
ليس من المستغرب أن العديد من الأشخاص المبدعين عبر التاريخ، بما في ذلك الكُتّاب والفنانين والمخترعين، كانوا معروفين بالعمل بمفردهم في صمت خلال معظم أيام عملهم.
5. فوائد صحية جسدية مرتبطة بانخفاض التوتر:
من المعروف أن البيئات الصاخبة و”الفوضوية” تزيد من الشعور بالتوتر، بما في ذلك عن طريق رفع مستويات “هرمونات التوتر” مثل الكورتيزول والأدرينالين.
الصمت له تأثير معاكس على مؤشرات التوتر، فهو يساعد الجسم على الاسترخاء بشكل طبيعي عن طريق زيادة نشاط الجهاز العصبي، الذي يساعدنا على “الراحة والهضم.”
يكون العقل والجسم الهادئان في وضع أفضل للشفاء وأكثر قدرة على مقاومة المشاكل الصحية المرتبطة بالتوتر، مثل ارتفاع ضغط الدم، عسر الهضم، الصداع و الأرق. كما يُعرف الصمت بزيادة قدرتك على تحمل الإرهاق والغضب ونفاد الصبر.
6. تحسين جودة النوم:
بينما يدّعي بعض الأشخاص أنهم ينامون بسهولة أكبر مع وجود ضوضاء في الخلفية، مثل التلفاز أو الموسيقى، فإن معظم الناس يفضلون الاسترخاء والنوم في صمت.
يُنصح بممارسة التأمل قبل النوم، أو القراءة بهدوء، أو الصلاة/التأمل لتعزيز النوم ومكافحة الأرق.
7. تحسين العلاقات:
قد يبدو الأمر غير منطقي، لكن الجلوس بصمت مع شخص آخر يمكن أن “يُعبِّر كثيراً.” تُظهر الدراسات أن الصمت، كممارسة رعاية، يُنظر إليه على أنه ذو صلة بالأبعاد الروحية والوجودية للرعاية، خاصةً عندما تعجز الكلمات عن التعبير. بمعنى آخر، يُعتبر الصمت وسيلة لتقديم الدعم والتفاهم و”إفساح المجال لشخص ما” دون الحاجة إلى قول أي شيء.
كيفية ممارسة المزيد من الصمت:
يوصي الخبراء الذين درسوا العلاقة بين الصمت والصحة النفسية بتخصيص “فواصل” خلال يومك للاستفادة من التأثيرات العلاجية للصمت.
إليك بعض الطرق التي يمكنك من خلالها ممارسة المزيد من الصمت والاستفادة من فوائده:
- خصص فترة قصيرة من الوقت كل يوم، خالية من المقاطعات. يمكنك استخدام هذا الوقت للتأمل أو فقط للاستلقاء أو الجلوس في مكان مريح وهادئ جداً. إن الأوقات المثالية لذلك هي في الصباح الباكر أو قبل النوم.
- خذ استراحة مقصودة من “ضوضاء التكنولوجيا.” تجنب إغراء ملء الصمت بتشغيل التلفاز أو مقاطع فيديو يوتيوب أو الراديو أو الموسيقى وما إلى ذلك.
- استخدم وقت التنقل أو أداء المهام لتخفيف السرعة والاسترخاء. قُد سيارتك في صمت، أطفئ الموسيقى والبودكاست، وفكر ببساطة في يومك.
- إذا كنت على متن طائرة أو قطار، استخدم سماعات تقليل الضوضاء، أغلق عينيك، وركّز على تنفسك.
- بدلاً من تشغيل الموسيقى أو الضوضاء أثناء تنظيف المنزل أو الطبخ، قم بهذه الأشياء في صمت. يعد الطبخ أو القيام بالأعمال المنزلية وقتاً مثالياً لترك عقلك يسرح والتواصل مع مشاعرك.
- إذا كنت تأكل بمفردك، مثل تناول الغداء في العمل، لا تشتت نفسك بهاتفك أو رسائل البريد الإلكتروني أو الفيديوهات. بدلاً من ذلك، استمتع بوجبة هادئة، مما يشجع أيضاً على تناول الطعام بوعي.
- اجلس على الشاطئ أو في حديقة، واستمع فقط إلى أصوات الطبيعة الهادئة من حولك.
المخاطر والآثار الجانبية:
بينما يمكن أن تؤدي العزلة والهدوء إلى حياة أكثر سلاماً، فإن الإفراط في أي منهما قد يكون له بعض السلبيات، وأبرزها أنهما قد يؤديان إلى الشعور بالوحدة والانفصال عن الآخرين.
تبدو الفترات القصيرة من الصمت، التي تتراوح من 10 إلى 60 دقيقة في كل مرة، مثالية لتعزيز الصحة بشكل أفضل. أما فترات الصمت الطويلة جداً، فقد تؤدي إلى الانغماس في التفكير السلبي وربما تفاقم الاكتئاب أو القلق.
إذا كنت تتعرض لفترات طويلة من الوقت وحدك أو في صمت (على سبيل المثال، إذا كنت تعمل من المنزل بمفردك معظم الوقت)، تحقق من حالتك النفسية بانتظام. إذا شعرت بآثار الوحدة أو لاحظت أنك تقلق بشكل متزايد بشأن أشياء غير مهمة، فابحث عن طرق اجتماعية أكثر، مثل:
- الاتصال بصديق
- التحدث مع معالج نفسي
- العمل بين الآخرين في مكان عام
أخيراً الاعتدال في كل شيء هو خير العادات و أفضلها. أسأل الله تعالى لكم دوام الصحة والعافية. دمتم بخير إخوتي الكرام.
المراجع:
https://www.healthline.com/health/mind-body/physical-and-mental-health-benefits-of-silence
https://www.happiness.com/magazine/health-body/the-power-of-silence-cultivating-peace
https://psychcentral.com/blog/the-hidden-benefits-of-silence
https://draxe.com/health/benefits-of-silence