نظراً لأن ارتفاع درجة الحرارة من الأعراض الشائعة للكثير من المشاكل الصحية. و لا يخلو شخص كبير أو صغير من التعرض لارتفاع درجة حرارة الجسم و الإصابة بالحمى.
تحدثنا سابقاً عن العلاج الإسعافي للحمى لدى البالغين و للأطفال.
أما اليوم و بإذن الله تعالى سوف نشرح الموضوع بطريقة أوسع و أشمل.
سوف نذكر أكثر الأسباب شيوعاً المؤدية للحمى، سواءً ارتفاع الحرارة بسبب وجود عدوى، أو لا. و أهم النصائح و العلاجات المنزلية الفعالة للقضاء على الحمى.
ارتفاع الحرارة بحد ذاتها ليست مرضاً أو مشكلة صحية محددة. بل هي عَرَض لوجود مشكلة ما في الجسم.
ارتفاع درجة الحرارة هو ردة فعل الجهاز المناعي ضد العدوى أو الأسباب الكامنة للمرض.
عادةً ما يصاحب ارتفاع درجات الحرارة، وجود آلام في الجسم و فقدان الشهية للطعام و الإحساس بالإعياء العام و الوهن و التعب.
تتراوح شدة ارتفاع درجات الحرارة من ارتفاع بسيط أو معتدل في حرارة الجسم، إلى ارتفاع شديد (الحمّى). و ذلك تبعاً للسبب الجذري للمرض المؤدي لارتفاع الحرارة.
ارتفاع بسيط فقط في الحرارة، قد يؤدي للشعور بالوهن و عدم الراحة. و نتيجة لذلك حتى الأعمال أو النشاطات البسيطة اليومية قد يصعب أداءها.
درجة الحرارة الطبيعية للجسم:
تتمثل درجة حرارة الجسم وسيطاً ب 37 درجة مئوية. لكن هذه النسبة قابلة للتغير قليلاً بالاعتماد على العمر. حيث تميل درجة حرارة الجسم للانخفاض قليلاً تحت المعدل الطبيعي، مع التقدم في الجسم.
تضعف قايلبة الجسم على تنظيم درجة حرارة الجسم كلما ازداد بنا العمر. بالمقارنة مع مرحلة الشباب.
مع التقدم في السن لا يستطيع الجسم إنتاج كمية كافية من الحرارة، للحفاظ على درجة حرارة الجسم الداخلية. لذلك غالباً ما يعاني المسنون من زيادة الحساسية للبرودة، و ترقق الجلد. مما يجعلهم أكثر عرضة لاتخفاض درجة حرارة الجسم الطبيعية.
و بالتالي من ناحية أخرى، فإن الأطفال الصغار يشهدون تقلبات متكررة في درجة حرارة الجسم. حيث تنخفض درجة الحرارة إلى 36 درجة مئوية أثناء النوم في الليل. بينما ترتفع درجة الحرارة إلى 37.8 درجة مئوية خلال فترات زيادة النشاط في النهار، أو بعد الإرضاع (بالنسبة للرضع).
أي شيء قد يحرض على حدوث الالتهاب أو تحرير المادة الكيميائية السيتوكينات cytokines في الجسم، قد يسبب ارتفاع الحرارة.
تُعتبر الحرارة أحد آليات وسائل الدفاع المناعية، ضد أي خطر يهدد صحة الجسم. غالباً ما ترتفع الحرارة خلال العدوى الفيروسية، ثم تزول من تلقاء نفسها خلال بضعة أيام.
لا يمكن قياس مدى خطورة المرض من خلال درجة ارتفاع الحرارة. فهي ليست مؤشر عن شدة المرض. و بناءً عليه من الضروري الأخذ بعين الاعتبار لكافة الأعراض المرافقة للحرارة، التي يشكو منها المريض.
أسباب ارتفاع درجة حرارة الجسم:
بالاعتماد على السبب الكامن المؤدي لارتفاع الحرارة، يمكن تقسيمه إلى قسمين:
- إما ارتفاع الحرارة نتيجة وجود عدوى و عوامل ممرضة.
- أو ارتفاع الحرارة دون وجود عدوى.
تتضمن أسباب ارتفاع الحرارة دون وجود عدوى، إلى ما يلي:
- اللقاحات و التطعميات
- زيادة تدفئة الجسم، إما من خلال ارتداء العديد من الملابس، أو ممارسة التمارين الرياضية، أو التعرض الطويل لأشعة الشمس. و الذي قد يؤدي بدوره إلى حروق الشمس و ضربة الشمس.
- التجفاف
- التهاب المفاصل الروماتيزمي
- تناول أدوية معينة بما في ذلك مضادات الهيستامين و المضادات الحيوية
- السرطان
- الاضطرابات و الأمراض المناعية
- سوء استخدام الأدوية
- انسحاب الكحول من الجسم
- فرط نشاط الغدة الدرقية
- مادة الأتروبين و غيرها من الأدوية التي تتميز بخصائص مضادة للكولين، التي تؤثر على تنظيم حرارة الجسم، من خلال منع التعرق و تمدد الأوعية الدموية (الآلية التي يحاول الجسم من خلالها تبديد الحرارة). و قد يرفع درجة حرارة الجسم الأساسية أيضاً.
- أدوية الذهان و الأدوية العصبية و أدوية السيروتونين التي قد تؤدي لارتفاع الحرارة أيضاً.
أما ارتفاع درجة الحرارة الناتجة عن وجود العدوى، سواءً بشكل مباشر أو غير مباشر، فتتضمن ما يلي:
- البكتيريا
- الفيروسات
- الفطريات
- الطفيليات
و من الأمثلة عن الأمراض المسببة للحرارة بسبب العدوى بالعوامل الممرضة السابقة، فتتضمن ما يلي:
- الحصبة
- داء الجدري
- النكاف
- الملاريا
- الالتهاب الرئوي
- التهاب المجاري البولية بما في ذلك التهاب المثانة أو الكلية
- التهاب المعدة أو الأمعاء
- الالتهابات الجلدية و التقرحات
- الأمراض المنقولة جنسياً مثل داء السيلان و داء الزهري (السيفلس).
أعراض ارتفاع درجة حرارة الجسم:
- قد تلاحظ زيادة سيلان الأنف
- احتقان أو التهاب البلعوم و الإحساس بعدم الراحة خاصةً أثناء البلع
- ألم المفاصل
- ألم العضلات
- ألم العينين و الحساسية للضوء
- تقرحات البرد أو تقبيلة السخونة
- الغثيان و الإقياء و الإسهال
- تسرع ضربات القلب
- الدوار
- القشعريرة
- شحوب البشرة أو الطفح الجلدي الأحمر
- فرط التعرق
- الشعور بالإرهاق و الخمول طيلة الوقت
- قد تلاحظ وجود مفرزات مخاطية خضراء أو صفراء اللون، خاصةً في حالات العدوى البكتيرية مثل الالتهاب الرئوي.
- إذا ارتفعت درجة حرارة الجسم أعلى من 40 درجة مئوية، قد تعاني من الهلوسة و الاختلاجات و بحاجة لطلب الفريق الطبي على الفور!
الاختبارات و التشخيص:
الخطوة الأولى هي تشخيص سبب ارتفاع الحرارة و قياس درجة حرارة الجسم. بواسطة ميزان الحرارة إما تحت اللسان أو تحت الإبط. أو استخدام ميزان الحرارة الأذني أو الشرجي.
يقوم الطبيب باستعراض الأعراض المرافقة للحرارة، لتحديد الأسباب المحتملة للحمى.
إذا اشتبه بوجود عدوى، يقوم بفحص بدني للجسم. يتم مراقبة أماكن محددة من الجسم، للكشف عن أعراض خاصة بالعدوى. على سبيل المثال:
- فحص الجلد للكشف عن أي طفح جلدي أو عدوى أو التهاب.
- فحص الغدد الليمفاوية للكشف عن أي انتفاخ أو تضخم قد ينتج عن وجود عدوى.
- فحص بياض العين للكسف عن أي احمرار أو صفار (يرقان).
- فحص جوف الفم و البلعوم للكشف عن أي أعراض التهاب البلعوم أو تقرحات.
- سماع معدل التنفس و نبضات القلب من خلال فحص الصدر و البطن.
في كثير من الحالات، يتم إجراء المزيد من الفحوصات لتأكيد تشخيص الطبيب المحتمل. و تتضمن هذه الفحوصات:
- تحليل الدم
- تحليل البول
- تحليل البراز
- تحليل السائل النخاع الشوكي
- صور بالأشعة السينية
- أخذ خزعة
كيف يقوم الجسم بالحفاظ على درجة حرارة الجسم الداخلية الطبيعية؟
عندما تكون درجة حرارة الجسم أعلى أو أقل من المعدل الطبيعي. يقوم عدة أعضاء من الجسم بالعمل لإعادة درجة حرارة الجسم للوضع الطبيعي.
الدماغ و الأوعية الدموية و الجلد و العضلات تلعب دوراً هاماً في الحفاظ على درجة حرارة الجسم من خلال عدة آليات. على سبيل المثال:
- زيادة أو خفض معدل التنفس
- تدفق الدم إما باتجاه أو بعيداً عن سطح الجلد
- زيادة طرح أو احتباس السوائل
آلية ارتفاع درجة حرارة الجسم و حدوث الحمى:
يحتوي الجسم على مقياس حرارة داخلي، يوجد في منطقة خاصة في الدماغ، يدعى الهيبوثلاموس أو تحت المهاد.
يحافظ على درجة حرارة الجسم ضمن المعدل الطبيعي وسطياً 37 درجة مئوية، مع اختلاف بسيط تبعاً للعمر أو حسب معدل النشاط أو بين النهار و الليل.
الحمى عادةً ما يتم تحفيزها من خلال العدوى أو المرض أو بعض العوامل التي تؤدي لزيادة تحرير جزئيات صغيرة في الدم تدعى بيروجين pyrogens.
وظيفة البيروجين pyrogens:
جزيئات البيروجين هي عبارة عن المواد المنتجة للحرارة، التي يتم تحريرها في الجسم مع مجرى الدم، لمكافحة العوامل الممرضة و السموم.
يحفز البيروجين نظام قياس الحرارة الداخلي، لزيادة حرارة الجسم الداخلية أعلى من المعدل الطبيعي.
يتم ذلك من خلال الهيبوثلاموس (كاستجابة مناعية لحماية الجسم). حيث يولد المزيد من الحرارة في الجسم. لجعل البيئة الداخلية للجسم غير مناسبة لاستضافة العوامل المسببة للأمراض!
الكائنات الممرضة التي تغزو جسم الإنسان قابلة للعيش و الازدهار في درجة الحرارة الطبيعية للجسم. و عند ارتفاع الحرارة، يصبح الجسم وسطاً غير ملائم لها (للكائنات الممرضة) للبقاء على قيد الحياة و الإصابة بالأمراض.
علاج الحمى (علاج ارتفاع الحرارة):
إذا كان سبب ارتفاع الحرارة هو العدوى الفيروسية، ليس بإمكانك فعل الكثير! غالباً ما يقاوم الجسم العدوى خلال خمسة أيام.
لكن قد يقترح عليك الطبيب بعض الأدوية لتخفيف أعراض آلام الجسم و خفض الحرارة مؤقتاً.
تتضمن مسكنات الألم و خافض الحرارة الشائعة ما يلي:
هذه الأدوية تعمل من خلال حجب الأنزيمات (سيكلو أوكسيجيناز) cyclooxygenases) COX-1 or COX-2) المسؤولة عن تصنيع مادة بروستاغلاندين (prostaglandin E2 (PGE2.
مادة بروستاغلاندين (PGE2) هي الوسيط المساهم في ارتفاع درجة حرارة الجسم من الهيبوثلاموس (تحت المهاد).
أهم النصائح و العلاجات المنزلية للقضاءعلى الحمى و علاج ارتفاع الحرارة:
الحصول على الراحة الكافية:
ارتفاع درجة الحرارة تسبب الإعياء الشديد و عدم الراحة طيلة الوقت.
الإحساس بالوهن و الضعف الناتج عن الحمى، هو وسيلة الجسم لتنبيهك و إعلامك أنك بحاجة للراحة.
الحصول على الراحة الكافية هو الخطوة الأولى للتعافي بإذن الله. و دون الحصول على الراحة اللازمة خلال الحمى، أنت تطيل فترة المرض ليس إلا!
و بالتالي عندما تشعر بارتفاع الحرارة، لا تقاوم عبثاً!
يجب عليك العمل على شحن طاقة جسمك مجدداً، من خلال قضاء المزيد من الوقت في السرير.
يعتقد كثير من الأفراد أنه من الأفضل لهم تجاهل التعب الذين يشعرون به. و زيادة دفع الجسم نحو المواظبة على أداء عمله و نشاطه اليومي المعتاد، على الرغم من الشعور بالتعب و ارتفاع الحرارة!
هذا لن ينتج عنه إلا زيادة إرهاق الجسم. و سحب ما تبقّى من طاقته. و بالتالي سوف يؤدي لارتفاع الحرارة بشكل أكبر.
كمادات للجسم:
الكمادات هي أكثر العلاجات المنزلية شيوعاً لخفض درجة حرارة الجسم المرتفعة و مكافحة الحمى دون دواء.
غالباً ما نلجأ لهذه الطريقة عندما نعطي المريض مسكنات الألم و خافضات الحرارة مثل الإيبوبروفين و الأسيتامينوفين. و تفشل هذه الأدوية في خفض الحرارة العالية!
تحتاج عادةً لمدة 30-45 دقيقة من تبديل الكمادات المنتظم، لخفض درجة حرارة الجسم بمعدل درجة أو درجتين.
عند استخدام الكمادات لخفض الحرارة، ينصح باستخدام ماء الصنبور العذبة و عصر قطعة القماش أو الاسفنح المستخدم من الماء الزائد. ثم مسح جبهة المريض بها و تحت الإبط و القدمين و اليدين و منطقة الفخذين حيث تقع الأوعية الدموية بالقرب من سطح الجلد.
تناول كمية وفيرة من السوائل:
للحفاظ على رطوبة الجسم، يجب الحرص على تناول كمية وفيرة من السوائل.
يحتاج الجسم للحفاظ على رطوبته، حتى يتمكن من مكافحة العدوى المسببة للحرارة.
إن ارتفاع حرارة الجسم، قد تسبب زيادة فقدان الماء من الجسم عن طريق التعرق الزائد و البول.
لذلك فإن استهلاك كمية وفيرة من السوائل، تحافظ على توازن الماء داخل الجسم. و الوقاية من خطورة التجفاف.
إذا تغير لون البول إلى لون باهت على غير العادة. معنى ذلك أن الكليتين تقوم بفلترة كميات فائضة من الماء من الجسم.
بإمكانك التنويع بمصادر السوائل. بالإضافة لتناول الماء يومياً التي تتمثل ب 7-8 أكواب من الماء على الأقل. يمكنك إضافة الخيارات التالية لنظامك اليومي لتعزيز رطوبة الجسم:
- الاعتماد على الشوربات
- الفواكه و الخضروات غير المحلاة و غير المعالجة و غير المملحة
- شاي الأعشاب غير الحاوية على الكافئين
تجنب المشروبات التالية خلال ارتفاع الحرارة:
- المشروبات الغنية بالكافئين لأنها مدرة للبول. و بالتالي تسحب السوائل من الجسم. لا ينصح بها أثناء ارتفاع الحرارة.
- الماء أو المشروبات الأكثر برودة من درجة حرارة الجسم الداخلية. لأنها تحتاج لفترة أطول حتى يتم امتصاصها داخل مجرى الدم، نتيجة اختلاف درجة الحرارة.
- الحد من استهلاك الكحول، لأنها يؤدي لزيادة تجفاف الجسم.
ارتداء ملابس خفيفة و غطاء خفيف:
إن ارتداء طبقات عديدة من الألبسة أو الأغطية الثقيلة، سوف يحتجز الحرارة، و يطيل فترة الحمى.
لذلك ينصح لمن يعاني من ارتفاع الحرارة، بارتداء ملابس خفيفة مصنوعة من القطن مثلاً.
منع انتشار العدوى:
إذا كان سبب ارتفاع الحرارة، نتيجة العدوى الشديدة مثل نزلات البرد و الانفلونزا أو داء الجدري، يجب أخذ الحرص اللازم، و أساليب النظافة الصحية لتجنب نشر الفيروسات أو العوامل الممرضى للآخربن.
تجنب الأماكن المزدحمة أو الاتصال القريب مع الآخرين خاصةً الأطفال و الكبار في السن.
تجنب التدخين:
التدخين يؤثر على قابلية الجسم في مكافحة العدوى. و يؤدي لزيادة مدة المرض و تأخير التعافي.
للحفاظ على صحة الجسم من الأفضل الإقلاع عن التدخين نهائياً. أو على الأقل، إلى أن يعود الجسم لطبيعته.
المرجع:
https://www.emedihealth.com/fever-treatment.html