
تعتبر الأمراض المزمنة مثل أمراض القلب وداء السكري وبعض أنواع السرطان من أكبر التحديات الصحية العالمية اليوم. هذه الأمراض طويلة الأمد لا تقلل فقط من جودة الحياة لملايين الأفراد، بل تؤدي أيضاً إلى زيادة كبيرة في تكاليف الرعاية الصحية، وتشكل مخاطر تهدد الحياة بشكل جاد.
في حين أن العوامل مثل الوراثة والتقدم في العمر تساهم بشكل كبير في تطور الأمراض المزمنة، إلا أن أنماط الحياة اليومية، ومستوى النشاط البدني، يلعب دوراً حاسماً وبنفس القدر.
ما هي الأمراض المزمنة؟
تعرف الأمراض المزمنة بأنها مشاكل صحية تستمر لفترة طويلة، عادةً ما تستمر لثلاثة أشهر أو أكثر، وغالباً ما تتطلب رعاية طبية مستمرة.
على عكس الأمراض الحادة التي تظهر فجأة وتستمر لفترة قصيرة، فإن الأمراض المزمنة تتطور تدريجياً وتستمر لفترة طويلة أو بشكل دائم. غالباً ما تكون غير قابلة للعلاج، ويمكن أن تؤدي إلى إعاقات كبيرة وانخفاض في متوسط العمر المتوقع، إذا لم تتم إدارتها بشكل صحيح.
أنواع الأمراض المزمنة الشائعة:
تشمل الأمراض المزمنة مجموعة متنوعة من الحالات الصحية، لكل منها خصائص وتحديات فريدة. ومع ذلك، غالباً ما تشترك في عوامل خطر مشتركة، مثل العادات الغذائية السيئة، وقلة النشاط البدني، والتدخين.
تتضمن الأمراض الشائعة التي يمكن القضاء عليها أو الوقاية منها من خلال النشاط البدني:
- أمراض القلب والعوامل المرتبطة بها مثل ارتفاع ضغط الدم والكوليسترول المرتفع
- مرض السكري من النوع 2 ومقاومة الأنسولين
- الأمراض التنكسية العصبية مثل الخرف
- آلام المفاصل / التهاب المفاصل
- اضطرابات الحركة
- الاكتئاب والقلق
- التجلط الدموي
- الفشل الكلوي
- السرطان
- البدانة
- الربو
فوائد النشاط البدني المنتظم في مكافحة الأمراض:
إن قلة التمرين هي سبب رئيسي للأمراض المزمنة. تشير الدراسات إلى أن الجلوس المفرط و قلة النشاط البدني، يلحق الضرر للجسم. حيث يؤدي إلى تراكم الدهون في منطقة البطن (أو الدهون الحشوية)، والتي تعتبر من العوامل الخطيرة للإصابة بالأمراض.
كيف يقلل النشاط البدني من خطر الأمراض المزمنة:
خفض ضغط الدم:
يساعد التمرين المنتظم في توسيع الأوعية الدموية، مما يقلل الضغط على جدران الشرايين. هذا أمر بالغ الأهمية في الوقاية من ارتفاع ضغط الدم، وهو عامل خطر لأمراض القلب والسكتة الدماغية.
تقليل مستويات الكوليسترول:
يزيد التمرين من الكوليسترول عالي الكثافة (HDL) وهو الكوليسترول “الجيد”، بينما يقلل من الكوليسترول منخفض الكثافة (LDL) وهو الكوليسترول “الضار”. يؤدي انخفاض مستويات LDL إلى تقليل خطر تراكم اللويحات و الرواسب الدهنية في الشرايين، التي قد قد تعيق تدفق الدم و تؤدي إلى النوبات القلبية والسكتات الدماغية.
تحسين الدورة الدموية:
يحتاج جسمك إلى الجلوكوز (أو السكر المخزن) ليمنحه الطاقة. كما يحتاج إلى أدينوزين ثلاثي الفوسفات (ATP) للاستمرار. لأن أجسامنا تخزن كميات محدودة من كل منهما، نحتاج إلى مزيد من الأوكسجين لخلق مزيد من ATP. عند زيادة النشاط البدني، يبدأ المزيد من الدم بالتدفق إلى عضلاتك وغيرها من الأعضاء لتزويدها بالأوكسجين والمواد الغذائية الذي تحتاجها.
التحكم بالوزن:
إن الحفاظ على وزن صحي من خلال التمرين والنظام الغذائي الصحي، يساعد في تقليل العبء على القلب وتقليل خطر الإصابة بالمشاكل القلبية المرتبطة بالبدانة. علاوة على ذلك، يمكن للنشاط البدني المنتظم أن يساعد في السيطرة على الأمراض المزمنة الحالية عن طريق تخفيف المضاعفات والوقاية منها، بما في ذلك الحالات المرتبطة بالبدانة مثل داء السكري، وارتفاع ضغط الدم، واضطرابات المفاصل.
إنتاج المزيد من الطاقة:
قد تشعر بالإرهاق قبل بدء التمرين، وبنهايته تشعر بالحيوية. اشكر دماغك على ذلك. حيث يفرز أيضاً ناقلات عصبية مثل الإندورفين والسيروتونين، مما يعطيك شعوراً بالانتعاش بعد التمرين.
الحماية من مرض السكري:
تشير الأدلة إلى أن هناك علاقة إيجابية بين مرض السكري والتمرين. يمكن أن يلعب التمرين دوراً كبيراً في تنظيم مستويات السكر في الدم. حيث يعزز النشاط البدني حساسية الأنسولين، مما يسمح للجسم باستخدام الجلوكوز بشكل أكثر فعالية ويمنع ظهور مقاومة الأنسولين والسكري من النوع 2.
الوقاية من الأمراض العضلية الهيكلية:
الأمراض العضلية الهيكلية هي الأمراض التي تؤثر على المفاصل والهيكل العظمي والعضلات، مثل التهاب المفاصل أو هشاشة العظام. إن التمرين المنتظم يزيد من القوة والمرونة، ويقلل من الآلام المرتبطة بالأمراض العضلية الهيكلية.
زيادة كتلة العضلات والقوة:
تساعد تمارين القوة المنتظمة في بناء والحفاظ على كتلة العضلات، التي تنخفض بشكل طبيعي مع التقدم في العمر. تدعم العضلات القوية حركة الجسم بشكل أفضل وتقلل من خطر السقوط والإصابات.
تعزيز صحة الدماغ:
ربما من أكبر الطرق التي يقلل بها التمرين من الأمراض المزمنة هي تحسين صحة الدماغ. يقوم التمرين بتحفيز المواد الكيميائية في الدماغ التي تؤثر على نمو خلايا الدماغ، خاصة في الحُصين، وهو الجزء المسؤول عن الذاكرة.
خفض نسبة الالتهابات و زيادة المناعة:
إن المواظبة على ممارسة التمارين الرياضية تؤدي لخفض نسبة العوامل الالتهابية الموجودة في الجسم، والتي ترتبط بشكل مباشر في زيادة خطورة الأمراض المزمنة.
تأثير التمارين الرياضية على صحة العقل:
تتجاوز فوائد التمرين الصحة الجسدية، حيث يلعب دوراً حيوياً في تعزيز الصحة العقلية.
يمكن أن تعزز ممارسة النشاط البدني المنتظم الصحة العقلية بشكل كبير من خلال آليات مختلفة:
- إنتاج الإندورفين: يحفز التمرين إفراز الإندورفين، المعروف باسم “هرمون السعادة”. تعمل هذه المواد الكيميائية كمسكنات طبيعية للألم ورافعات للمزاج، مما يساعد في تخفيف التوتر وتحسين الحالة المزاجية بشكل عام.
- تقليل التوتر والقلق: يمكن للنشاط البدني تقليل مستويات هرمونات التوتر في الجسم مثل الأدرينالين والكورتيزول، وفي نفس الوقت يحفز إنتاج الإندورفين. يساعد هذا التأثير المزدوج في تهدئة العقل وتقليل مشاعر القلق.
- تحسين جودة النوم: يمكن أن يساعد التمرين المنتظم في تنظيم أنماط النوم، مما يؤدي إلى نوم أعمق وأكثر استعادة. تساهم جودة النوم العالية في تحسين الصحة العقلية والنفسية.
- تعزيز الوظائف الإدراكية: يزيد النشاط البدني من تدفق الدم إلى الدماغ، مما يعزز نمو خلايا الدماغ الجديدة وتحسين الذاكرة والانتباه ومهارات حل المشكلات.
- التفاعل الاجتماعي: توفر التمارين الجماعية، والرياضات، وفصول اللياقة البدنية فرصاً للتفاعل الاجتماعي، مما يمكن أن يقلل من مشاعر الوحدة والعزلة، ويعزز الصحة العقلية بشكل أكبر.
أنواع التمارين للوقاية من الأمراض:
هنالك نوعين رئيسين من التمارين، و هما التمارين الهوائية القلبية، و تمارين المقاومة وتقوية العضلات. يقدم كل نوع فوائد فريدة تساهم معاً في الوقاية من الأمراض.
التمارين الهوائية:
التمارين الهوائية، المعروفة أيضاً بتمارين القلب، هي الأنشطة التي تزيد من معدل ضربات القلب وتحسن قدرة الجسم على استخدام الأوكسجين. هذه التمارين أساسية للحفاظ على صحة القلب والأوعية الدموية وتعزيزها.
تمارين المقاومة:
تستهدف أنشطة تقوية العضلات، والمعروفة أيضاً بتمارين المقاومة أو القوة، بناء وترميم كتلة العضلات وكثافة العظام. تلعب هذه التمارين دوراً حيوياً في الصحة على المدى الطويل من خلال تعزيز كثافة العظام و زيادة معدل الأيض و تحسين حساسية الأنسولين.
كمية التمرين الموصى بها:
- النشاط الهوائي المعتدل الشدة: ما لا يقل عن 150 دقيقة في الأسبوع. يمكن تقسيمها إلى 30 دقيقة يومياً، خمسة أيام في الأسبوع. تشمل الأمثلة المشي السريع، الرقص، نط الحبل، صعود السلالم، أو السباحة.
- أنشطة تقوية العضلات: أنشطة تقوية العضلات مرتين أو أكثر في الأسبوع. يجب أن تشمل هذه الأنشطة جميع مجموعات العضلات الرئيسية، بما في ذلك الساقين، الوركين، الظهر، البطن، الصدر، الأكتاف، والذراعين. تشمل الأمثلة رفع الأثقال، تمارين المقاومة، أو تمارين وزن الجسم مثل تمارين الضغط والقرفصاء.
المراجع:
https://pmc.ncbi.nlm.nih.gov/articles/PMC9219321/
https://draxe.com/health/exercise-reduces-chronic-disease/
https://exercisedaily.com/the-role-of-exercise-in-reducing-the-risk-of-chronic-diseases/