إن الشعور بالدوار أو الدوخة من حين لآخر من الأمور الشائعة، و ليس بالضرورة أن تُشير لمشاكل صحية خطيرة. لكن كلمة الدوار تُستخدم عادةً لوصف معنيين مختلفين، يجب التمييز بينهما لمساعدة الطبيب و المريض معاً لتشخيص السبب و اختيار العلاج المناسب.
- المعنى الأول للدوار: هو شعور الشخص بالوهن، و عدم القدرة على التوازن أثناء النهوض. لكن عندما يكون جالساً لا يشعر بدوران ما حوله، و يتحسن عادةً عند الاستلقاء. في بعض الحالات قد يشعر الشخص بالغثيان أو الإقياء عندما يكون مصاباً بالدوار.
- أما المعنى الآخر للدوار: هو شعور الشخص بدوران ما حوله عندما لا يكون هنالك أي شيء يتحرك. قد يشعر الشخص كما لو أنه فاقد للتوازن و داخل دوامة أو يوشك على السقوط. و يؤدي أيضاً للغثيان و الإقياء.
على الرغم من أن الدوار أو الدوخة قد تصيب الأفراد في مختلف الأعمار، لكنها أكثر شيوعاً لدى الكبار في السن. و الخوف من الدوار قد يؤثر على النشاط الاجتماعي للشخص المسن، و يحدّ من نشاطاته و حركته.
آلية حدوث الدوار:
يحدث الدوار عندما تختلط الإشارات التنبيهية القادمة إلى الدماغ من مختلف الحواس.
يتلقى الدماغ الإشارات من أربعة أنظمة حسية للحفاظ على التوازن:
- الرؤية: ترسل معلومات للدماغ عن وضعية الجسم و حركته و علاقتها مع البيئة المحيطة به. و هذا هو الجزء الهام لآلية التوازن.
- الأعصاب الحسية: الموجودة في المفاصل، تسمح للدماغ بمتابعة وضعية الساقين و الذراعين و الجذع.
- الجلد: الإحساس بالضغط على الجلد يعطي معلومات عن وضعية الجسم و حركته و علاقته مع الجاذبية.
- جزء من الأذن الداخلية: و الذي يتضمن القنوات الهلالية التي تحتوي على خلايا مخصصة تبين الحركة و التغيرات في الموقف. إن حدوث إصابة أو أمراض في الأذن الداخلية، قد يؤدي لإرسال إشارات خاطئة للدماغ، و بالتالي يؤثر على آلية التوازن. فإذا تعارضت هذه الإشارات الخاطئة مع الإشارات من مراكز التوازن الأخرى، يؤدي ذلك للإصابة بالدوار.
أسباب الدوار أو الدوخة:
- الحساسية.
- نزلات البرد و الانفلونزا.
- الإقياء و الإسهال.
- ارتفاع درجة الحرارة، أو التجفاف.
- زيادة معدل التنفس.
- التوتر و القلق.
- التدخين أو إدمان الكحول أو تناول المخدرات أو العقاقير غير المشروعة، سواءً فرط الجرعة أو أعراض الانسحاب.
أما الحالات الصحية الأكثر خطورة المؤدية للدوار فتتضمن ما يلي:
- النزف أو فقر الدم: من الأعراض المرافقة للنزف عادةً هو الشعور بالدوار، لكن في بعض الأحيان لا يكون النزف واضحاً، قد يحدث نزف في القناة الهضمية لعدة أيام أو أسابيع، دون معرفة المصاب بذلك. بل تكون أولى المؤشرات التي تنبه المصاب هو الشعور بالدوار المتكرر نتيجة فقدان الدم.
- كذلك الأمر بالنسبة للدورات الشهرية الكثيفة عند النساء، قد تسبب الوهن و الدوار.
- اضطرابات في الأذن الداخلية مثل التهاب الأعصاب الدهليزية، و هو عبارة عن التهاب فيروسي يصيب العصب الدهليزي في الأذن. أو داء مينير. داء مينير: و هو عبارة عن تراكم السائل في الأذن الداخلية، و يتمثل بالشعور بدوار مفاجئ الذي يستمر عدة ساعات.قد يشعر المريض بتقلبات في فقدان السمع و طنين في الأذن.
- في بعض الأحيان يكون سبب الدوار هو وجود اضطراب في معدل ضربات القلب.
- تناول بعض العقاقير الطبية: تسبب بعض الأدوية الشعور بالدوار إنما بنسب متفاوتة.
- انخفاض ضغط الدم، أو انخفاض تدفق الدم للرأس أثناء الحركة السريعة أو الوقوف المفاجئ، مما يؤدي لهبوط الضغط الانتصابي.
- إصابة في الرأس أو الأذن.
- انخفاض سكر الدم.
- الشقيقة.
و من الأسباب الأقل شيوعاً:
- نمو غير سرطاني في الفراغ خلف طبلة الأذن.
- ورم في الدماغ.
و تزداد الأعراض سوءاً أثناء المشي أو تحريك الرأس أو تغيير وضعية الجسم عموماً. و من المضاعفات الناتجة عن الدوار، السقوط أو غيرها من الإصابات.
متى يجب عليك زيارة الطبيب:
في حال حدوث الدوار مع تغير مفاجئ في النطق أو الرؤية أو السمع، يحتاج المريض لعناية إسعافية فورية.
أما الدوار الذي يحدث مع ضعف في وظائف جزء واحد من الجسم، يدل ذلك على وجود مشاكل في الدماغ، كالسكتة الدماغية أو نقص تروية عابرة للدماغ.
كما يجب مراجعة الطبيب في حال رافق الدوار وجود الأعراض التالية:
- صداع شديد مفاجئ.
- إقياء.
- صعوبة في المشي.
- الوهن الشديد و التعب.
- ألم في الصدر أو اضطراب في معدل ضربات القلب.
- ارتفاع في درجة الحرارة.
- ضيق أو انقطاع في النفس.
- إصابة في الرأس.
- الصرع.
- كما يفضل مراجعة الطبيب في حال تكرر الدوار المفاجئ أو استمرار الدوار لفترة طويلة من الزمن.
الاختبارات و التشخيص:
بالاعتماد على الأعراض المرافقة للدوار و التاريخ الصحي للمريض يحدد الطبيب نوع الاختبارات:
- يقوم الطبيب بالفحوصات البدنية و مراقبة طريقة المريض في المشي و التوازن و كيفية عمل الأعصاب.
- إذا كان الطبيب يعتقد بوجود مشاكل في الدماغ كالسكتة الدماغية مثلاً، يطب إجراء التصوير المقطعي المحوسب أو الرنين المغناطيسي للرأس.
- قد يحتاج المريض لاختبارات السمع و التوازن أيضاً، و التي تتضمن اختبار حركة العين، اختبار حركة الرأس، اختبار وضعية الوقوف، اختبار الكرسي الدوار.
- تحليل الدم للكشف عن وجود التهابات.
علاج الدوار:
عادةً يزول الدوار من تلقاء نفسه دون الحاجة للعلاج. خلال أسبوعين يعتاد الجسم على السبب المؤدي للدوار مهما يكن. لكن في حال استمرار الدوار أو الرغبة بتناول العلاج، يعتمد الطبيب على السبب المؤدي للدوار قبل تحديد العلاج. حتى و إن لم يتم تحديد سبب معين أو استمر الدوار، فهناك عدة خيارات علاجية تساعد في التغلب على الأعراض و السيطرة عليها.
أدوية علاج الدوار:
- المدرات البولية: إذا كان المريض يعاني من داء مينير، فبالاعتماد على المدرات البولية و تخفيف كمية الملح المتناولة، سوف يُبدي تحسن ملحوظ في حالات الدوار.
- الأدوية التي تخفف حالات الدوخة: مضادات الهيستامين مثل مادة ميسليزين لفترة قصيرة من الزمن، و مضادات الكولين. كما تتضمن لصاقات جلدية تحتوي على مادة سكوبولامين.
- الأدوية المضادة للإقياء: في بعض حالات الغثيان و الإقياء الشديدة التي ترافق الدوار، قد يصف الطبيب مضادات الإقياء لتخفيف الأعراض.
- الأدوية المضادة للقلق: أدوية البنزوديازيبام و التي تتضمن مادة ديازيبام و مادة ألبرازولام، لكنها تسبب الاعتياد و في بعض الحالات تسبب الغثيان.
- أدوية الشقيقة: للمساعدة في تخفيف هجمات الشقيقة التي من أعراضها الدوار.
العلاج بالتوازن:
قد يعتمد الطبيب على تعليم المريض تمارين معينة تساعد على ضبط نظام التوازن في الجسم، و جعله أقل حساسية للحركة. هذه التقنية الفيزيائية تدعى إعادة التأهيل الدهليزية. و يتم استخدامها لدى المرضى الذين يعانون من الدوار بسبب مشاكل صحية في الأذن الداخلية مثل التهاب الأعصاب الدهليزية.
العلاج النفسي:
يعتمد الطبيب على هذا النوع من العلاج بالنسبة للمرضى الذين يعانون من الدوار بسب اضطرابات القلق.
العمليات الجراحية لعلاج أسباب الدوار:
- الحقن: قد يقوم الطبيب بحقن مضاد حيوي جنتاميسين لتعطيل وظيفة التوازن في الأذن المصابة، أما الأذن الأخرى غير المصابة هي التي تقوم بهذه الوظيفة فقط (أي مهمة الحفاظ على توازن الجسم).
- إزالة عضو الإحساس من الأذن الداخلية: من النادر استخدام هذه الطريقة إلا في الحالات القصوى، حيث يقوم الطبيب بإزالة الجزء المسؤول عن التوازن في الأذن الداخلية، و هو ما يعرف باسم استئصال التيه. يتم استخدام هذه الطريقة إذا كان المريض يعاني من ضعف حاد في السمع، و الدوار لا يستجيب على الخيارات العلاجية السابقة.
العلاجات المنزلية و تغيير العادات اليومية:
- تجنب الحركة المفاجئة التي قد تؤدي لاختلال التوازن أو السقوط أو هبوط الضغط الانتصابي.
- استخدام إنارة جيدة في المنزل، و الحرص على وضع سجادة لا تسبب الانزلاق في أرجاء المنزل.
- تجنب قيادة السيارة أو الآلات الثقيلة إذا كنت تعاني من الدوار المتكرر.
- تجنب استخدما الكافئين أو الكحول أو التبغ أو الملح. فالكمية المفرطة من هذه المواد تؤدي لزيادة الأوضاع سوءاً.
- تناول كمية كافية من السوائل و الأطعمة الصحية، و الحصول على عدد ساعات كافية من النوم و تجنب حالات التوتر.
- إذا كان الدوار نتيجة تناول بعض العقاقير الطبية، فاستشر الطبيب لتغيير نوعية الدواء أو خفض الجرعة.
المراجع:
http://www.webmd.com/brain/tc/dizziness-lightheadedness-and-vertigo-topic-overview#1
http://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/dizziness/basics/definition/con-20023004
http://www.medicinenet.com/dizziness_dizzy/article.htm
الصورة المرفقة:
https://www.flickr.com/photos/71943418@N04/