أسعد الله أوقاتكم بكل خير إخوتي الكرام من مختلف أنحاء العالم.
في المقال السابق، تحدثنا عن جهاز الغدد الصماء وأنواع الهرمونات وأسباب خلل التوازن الهرموني.
أما اليوم و بإذن الله تعالى، سوف نكمل الموضوع عن أساليب علاج الخلل الهرموني بشكل طبيعي في المنزل.
في معظم الحالات، فإن إجراء بعض التعديلات على أنماط الحياة اليومية و النظام الغذائي، كفيل بإعادة التوازن الطبيعي للهرمونات.
لكن في حالات أخرى، و تبعاً لأسباب هذا الخلل، لا يمكننا علاج الاضطرابات الهرمونية إلا عن طريق الأدوية.
العلاج بالهرمونات البديلة:
الهرمونات مثل التستوسترون و الإستروجين و الأدرينالين و الأنسولين. جميعها رسائل عصبية هامة جداً. و تؤثر على العديد من مظاهر الصحة عموماً.
تشمل العلاجات التقليدية لخلل التوازن الهرموني عادةً، الاعتماد على:
- الهرمونات الصناعية البديلة
- و حبوب منع الحمل
- و حقن الأنسولين
- و أدوية الغدة الدرقية وغيرها المزيد
لسوء الحظ، بالنسبة لغالبية الأشخاص الذين يعانون من الاضطرابات الهرمونية. فإن الاعتماد على هذه الأنواع من العلاجات الاصطناعية، غالباً ما يفعلون ثلاثة أشياء:
- تجعل الأفراد يعتمدون على تناول هذه الأدوية لبقية حياتهم، للتحكم بالأعراض و ضبط المرض.
- ببساطة فهي تخفي الأعراض، لكنها لا تعالج الخلل. وبالتالي قد يستمر تطور المرض في مناطق أخرى من الجسم، مع تطور هذا الاضطراب.
- تؤدي لزيادة خطورة التأثيرات الجانبية، مثل السكتة الدماغية و هشاشة العظام و حالات الأرق و مشاكل في الإنجاب و السرطان و غيره.
إذاً، هل يمكننا علاج خلل التوازن الهرموني بشكل طبيعي؟
لله الحمد، نعم هذا ممكن في العديد من الحالات. و الوقاية منذ البداية، أفضل من العلاج لاحقاً!
كيف نعيد توازن الهرمونات بشكل طبيعي؟
1. استبدل الكربوهيدرات بالدهون الصحية:
تتضمن المواد الغذائية التي توازن مستوى الهرمونات، العديد من الأطعمة الغنية بالدهون الصحية. التي تزود الجسم بالأحماض الدسمة.
يحتاج الجسم لأنواع مختلفة من الدهون لتكوين الهرمونات، بما في ذلك الدهون المشبعة والكولسترول!
هذه الدهون الأساسية، لا تُعتبر فقط أحجار البناء الأساسية لإنتاج الهرمونات. إنما تحافظ على مستوى الالتهابات منخفضة كذلك. و تعزز عمليات الاستقلاب و إنقاص الوزن.
للدهون الصحية تأثير معاكس على الكربوهيدرات المكررة. التي تؤدي للالتهابات و تسبب خلل في توازن الهرمونات.
من أفضل الأمثلة عن الدهون الصحية التي تتميز بخصائص مضادة للالتهابات، ما يلي:
زيت جوز الهند، الأفوكادو، الزبدة و سمك السلمون.
حيث يتميز زيت جوز الهند بالعديد من الفوائد الصحية، منها خصائصه الطبيعية المضادة للبكتيريا و الحارقة للدهون.
أما بالنسبة للأفوكادو، فتتضمن فوائده تعزيز صحة القلب و خفض نسبة الالتهابات و التحكم بالششهية للطعام و تعزيز مستويات المواد الغذائية من ألياف صحية و بوتاسيوم.
لا ننسى أهمية التونا أو السلمون، الذي يُعتبر من أفضل مصادر الاحماض الدسمة الأوميغا3. يعرف كذلك بدوره في خفض مستوى الالتهابات و تعزيز الإدراك المعرفي.
ما هي الأطعمة التي تسبب خلل في توازن الهرمونات؟
يفضل الحدّ من استهلاك الكربوهيدرات المعالجة و الزيوت المكررة و السكريات المضافة.
ينصح الحد من استهلاك الزيوت الغنية بالأحماض الدسمة أوميغا6 مثل زيت دوار الشمس و ويت الكانولا. و استبدالها بالمصادر الغنية بالأحماض الدسمة الأوميغا3 مثل بذور الشيا و بذور الكتان و الجوز.
2. المتممات الغذائية:
بينما تعتبر الحمية الغذائية الصحية هي المفتاح الأساسي للحصول على الغذاء. لكن في بعض الأحيان نحن بحاجة لإضافة المتممات الغذائية لتعويض المواد الغذائية التي قد تنقصنا من الطعام.
من الأمثلة عن المتممات الغذائية التي تعيد التوازن للهرمونات:
زيت زهرة الربيع المسائية Evening primrose oil:
تحتوي على الأحماض الدسمة التي تدعم عمل الهرمونات.
كما تساعد على تخفيف أعراض متلازمة ما قبل الحيض و أعراض مبيض متعدد الكيسات. بالإضافة لفعاليتها في تحسين الخصوبة.
فيتامين د:
من أفضل الفيتامينات التي تُعيد توازن الهرمونات فيتامين د. و لا عجب في ذلك فهو يعمل تقريباً مثل الهرمونات داخل الجسم. و له تأثير كبير و هام في الحفاظ على مستوى الالتهابات منخفضاً.
لهذا السبب، الأفراد الذين يعيشون في المناطق المظلمة و لا يحصلون على كميات كافية من ضوء الشمس، يعانون من الاكتئاب الموسمي.
مرق العظام:
مرق العظام مفيدة جداً و تزود الجسم بالمواد الغذائية، أهمها الكولاجين و الغلوتامين و الغلايسين التي ترمم الخلايا التالفة و تقوي المناعة والصحة العامة للجسم.
مركبات البروبيوتيك:
مركبات البروبيوتيك هي عبارة عن البكتيريا النافعة الموجودة في الجهاز الهضمي. و التي تعزز إنتاج و تنظيم الهرمونات مثل الأنسولين و الغريلين و الليبتين. كما تساعد كذلك في ترميم بطانة القناة الهضمية، و الوقاية من متلازمة الأمعاء المتسربة التي تسبب الالتهابات في الدم و خلل في الجسم.
3. الانتباه لحالات التوتر العاطفي:
فرط التعرض لحالات التوتر و الضغوطات الداخلية، تؤثر على صحة الجسم. و تسبب خلل في مستوى الهرمونات، خاصةً في مستويات هرمون التوتر هرمون الكورتيزول و وظائف الكلية و الغدة الكظرية. مما يؤدي لمشاكل صحية شديدة مثل متلازمة مبيض متعدد الكيسات و ضعف الخصوبة.
مشاعر اليأس و الإحباط و عدم المسامحة و فقدان التحلي بالصبر، تؤثر على صحة الكبد. مما قد يؤدي لخلل في توازن هرمون الإستروجين. أما مشاعر القلق ، قد تسبب خلل في مستويات هرمون الأنسولين، مما يؤثر لاحقاً على العديد من الهرمونات!
أحد المكونات الرئيسية لإعادة توازن الخلل الهرموني بشكل طبيعي، هو من خلال معالجة أي مشاكل عاطفية تعاني منها.
يمكنك تخفيف مستويات التوتر من خلال:
- الخلوة مع الله و الدعاء والصلاة
- تمضية المزيد من الوقت مع نفسك
- ممارسة جلسات التأمل و تمارين التنفس العميق
- قضاء بعض الوقت في الهواء الطلق و ممارسة الرياضة كل يوم
جميع هذه الأساليب، أثبتت فعاليتها في تخفيف حالات التوتر و الضغوطات. وبالتالي إعادة توازان الهرمونات الناتج عن حالات التوتر.
4. استخدام الزيوت العطرية الأساسية:
حتى نتمكن من إعادة توازن الهرمونات بشكل طبيعي، فمن الضروري القضاء على السموم التي تدخل إلى جسمك. والتي يتم امتصاصها من البيئة، و عن طريق بعض منتجات العناية بالجسم. التي تحتوي على مواد كيميائية ضارة. تتضمن مادة البارابين و مادة بروبايلين جلايكول و مادة صوديوم لوريل سلفات.
ُينصح باستبدال المواد الكيميائية المستخدمة، بمواد طبيعية قدر الإمكان. مكونة من زيوت أساسية و مواد نباتية، مثل زيت جوز الهند و زبدة الشيا و زيت الخروع.
لاستبدال منتجات العناية بالجسم و المنظفات الغنية بالسموم! ينصح استخدام هذه الزيوت الأساسية الموازنة للهرمونات و تتضمن مايلي:
clary sage خلاصة زيت الميرمية:
تساعد على تحقيق التوازن بين مستويات هرمون الإستروجين. لأنها تحتوي على إستروجينات نباتية طبيعية.
يمكنك استخدامها لتنظيم الدورة الشهرية و تخفيف الأعراض المرافقة لمتلازمة ما قبل الحيض و علاج مشاكل الخصوبة و تخفيف أعراض متلازمة مبيض متعدد الكيسات.
كما تُعتبر كعلاج طبيعي بديل لحالات التوتر العاطفي و الاكتئاب و القلق.
يمكنك إضافة 3-5 قطرات من زيت الميرمية، لجهاز ناشر لرائحة الزيت في الهواء، على شكل رذاذ ملطف للجو (ديفيوزير oil diffuser). للمساعدة على تحقيق التوازن بين مستويات الهرمونات و تخفيف التوتر. و كنا قد تحدثنا سابقاً عن العلاج بالزيوت العطرية الأساسية و كيفية استخدامها.
كما يمكتك إضافة 5 قطرات من زيت الميرمية إلى 5 قطرات من زيت جوز الهند، و تدليك المعدة مكان الالم أو المغص.
الشمرة:
عند وجود مشاكل في القناة الهضمية، قد يسبب ذلك ردود أفعال مناعية، تتضمن اضطرابات في الغدة الدرقية.
يمكنك استخدام زيت خلاصة الشمرة، لاسترخاء الجسم، و تحسين عملية الهضم، و تعزيز صحة القناة الهضمية و الاستقلاب و تخفيف الالتهابات.
يمكنك تدليك معدتك بقطرتين من زيت الشمرة. أو يمكنك إضافة 1-2 قطرة من خلاصة زيت الشمرة إلى كوب من الماء الدافئ أو الشاي و تناوله.
اللافندر أو الخزامى:
يساعد زيت اللافندر أو الخرامى على تحقيق التوازن العاطفي. فهو يتميز بخصائص تساعد على الاسترخاء و النوم. و تخفف حالات القلق و الاكتئاب. مما يعيد توزان الهرمونات لوضعها الطبيعي.
يُنصح باستخدام زيت اللافندر في المنزل، من خلال إضافة بضعة نقاط لجهاز ينشر رائحة الزيت في الهواء على شكل رذاذ ملطف للجو. أو من خلال إضافة بضع قطرات من زيت اللافندر إلى حمام مائي دافئ، أو تطبيق 2-3 قطرات موضعياً على معصمك. و تمتع بالرائحة المنعشة.
زيت خشب الصندل:
يمكن استخدام زيت خشب الصندل لتعزيز الرغبة الجنسية. كما يساعد على الاسترخاء و تخفيف حالات التوتر، المسببة لخلل التوازن الهرموني.
كذلك الأمر بالنسبة لزيت خشب الصندل و غيره من الزيوت العطرية الأساسية. فإن أفضل طريقة للاستفادة من تأثيراته، هي من خلال إضافة بضعة نقاط من خشب الصندل لجهاز ناشر للزيت العطري. ينثر رائحته العبقة في الجو، على شكل رذاذ خفيف ملطف للجو.
الزعتر الأخضر:
تساعد خلاصة زيت الزعتر الأخضر على تحسين إنتاج هرمون البروجسترون. مما يساعد على علاج و تخفيف المشكلات الصحية المتعلقة بالعقم و ضعف الخصوبة و تكيس المبايض و اضطرابات الدورة الشهرية.
للحصول على الفائدة من خلاصة هذا الزيت و تحقيق التوازن لهرمونات، أضف قطرتين من زيت الزعتر الأخضر إلى حمام دافئ. أو قم بتدليك منطقة البطن بمزيج من قطرتين زيت الزعتر الاخضر و قطرتين من زيت جوز الهند.
6. الحصول على عدد ساعات كافية من النوم:
جسمك بحاجة للنوم كل ليلة بمعدل 7-8 ساعات على الأقل، من النوم الجيد المريح في الليل.
تؤدي قلة النوم للعديد من المشاكل الصحية و خلل في الساعة البيولوجية. الأمر الذي ينتج عنه خلل في توازن الهرمونات.
فالهرمونات تعمل ضمن جدول معين، تختلف تراكيز إنتاجها بين الليل و النهار.
من أكثر الهرمونات التي تتأثر بتغيير نظام النوم، هي الهرمونات المسؤولة عن الإحساس بالجوع (الجريلين) و الشبع (الليبتين) و هرمون التوتر (الكورتيزول).
يساعد الحصول على معدل نوم جيد يومياً و في نفس الموعد، على إعادة توازن الهرمونات و تقوية المناعة و زيادة معدل التركيز و الانتباه.
لكن كما ذكرنا سابقاً، في بعض الحالات المرضية، لا يمكننا علاج الخلل الهرموني دون الاعتماد على الأدوية. كما هو الحال بالنسبة لمرضى قصور الغدة الدرقية أو فرط نشاط الغدة الدرقية أو مرضى السكري.
من ناحية أخرى، تلجأ العديد من النساء للاعتماد على الهرمونات البديلة كوسيلة لمنع الحمل، سواء حبوب منع الحمل الفموية أو الموضعية أو المهبلية.
لذلك من الضروري استشارة الطبيب دائماً قبل إجراء أي تغيير. و عدم التوقف عن الدواء و لا تغيير الجرعة دون إعلام الطبيب.
أسأل الله تعالى لكم دوام الصحة والعافية. و أتمنى أن تكونوا قد وجدتم الفائدة المطلوبة. دمتم بخير 🙂
المراجع:
https://www.healthline.com/health/the-endocrine-system
https://www.webmd.com/diabetes/endocrine-system-facts
https://draxe.com/health/10-ways-balance-hormones-naturally
https://my.clevelandclinic.org/health/articles/21201-endocrine-system
https://www.hopkinsmedicine.org/health/wellness-and-prevention/anatomy-of-the-endocrine-system