هل يمكننا حقاً تأخير عملية الشيخوخة؟ و كيف يتم ذلك؟
مَن منا يرغب أن يهرم؟ و أن يعاني من الأمراض و المشاكل الصحية و الوهن؟ و أن تفتر همته و تضعف قوته؟
هذه سنة الحياة حتماً. نولد ضعفاء ثم نبلغ أشدنا ثم يتبع بعد القوة ضعفاً.
لكن من الناحية العلمية، هل يمكننا تأخير هذه العملية؟ و التمتع بأطول فترة ممكنة من الصحة و القوة.
نعم يمكن ذلك من خلال الانتباه لأنماط الحياة الصحية و مراعاتها!
العمر هو عبارة عن رقم فحسب!
قد لا يكون بإمكانك إعادة الزمن للوراء. لكن بإمكاننا أن نغير تأثير الوقت على أجسامنا.
من الممكن حقاً إبطاء الشيخوخة البدنية و العقلية.
تظهر الأبحاث أن الأشخاص من نفس العمر الزمني، قد يكون لديهم عمر بيولوجي مختلف.
إذاً هنالك عوامل أخرى تؤثر على معدل عمر الإنسان البيولوجي عدا العوامل الوراثية.
لا يمكننا التحكم بالعوامل الوراثية و لا بعمر الإنسان الحقيقي. إنما يمكننا التحكم بالعوامل الأخرى التي تؤثر على مرحلة الشيخوخة و إبطائها.
العوامل التي تؤثر على مرحلة الشيخوخة و كيفية إبطائها:
ممارسة التمارين الرياضية:
أفضل طريقة لإبطاء مراحل الشيخوخة هو من خلال ممارسة التمارين الرياضية بشكل منتظم.
تشير الدراسات أن الأفراد الكبار في السن، الذين يمارسون التمارين الرياضية بشكل منتظم، تكون كتلة العضلات لديهم و مستويات الكولسترول و قوة الجهاز المناعي أفضل من الأفراد الأصغر سناً.
تحافظ التمارين الرياضية على وزن صحي للجسم و تحفز على حرق الدهون. مما يساعد في التحكم بمستوى السكر في الدم و الوقاية من داء السكري.
التمارين الهوائية (الآيروبيك)، ترفع معدل التنفس و تسرع ضربات القلب و تعزز صحة القلب.
بالإضافة لذلك فإن التمارين الرياضية المنتظمة، تحافظ على قوة العظام و خفض آلام المفاصل.
نقطة هامة إضافية للرياضة قد يغفل الكثير عنها، هي أن التمارين الرياضية المنتظمة تعزز صحة العقل و الحالة النفسية. و تخفف حالات الاكتئاب و القلق.
الهدف من الرياضة التي نتحدث عنها و نقطف ثمارها، تتمثل بممارسة الرياضة الهوائية بمعدل 30 دقيقة 5 مرات في الأسبوع. بالإضافة لتمارين المقاومة بمعدل 10 دقائق مرتين في الأسبوع.
النظام الغذائي:
أفضل طريقة للوقاية من التلف الخلوي المرتبط مع التقدم في السن، هو من خلال اتباع نظام غذائي صحي يتضمن الحدّ (تخفيف أو الامتناع) من تناول الأطعمة الجاهزة و السكريات و الأملاح و الدهون.
الامتناع عن تناول السكريات و الدهون، له نتيجة ملموسة في مكافحة التهابات الجسم المختلفة و داء السكري و الأمراض القلبية.
اتباع نظام غذائي صحي غني بالخضروات و الفواكه و الحبوب الكاملة و البقوليات و البيض و الأسماك و اللحوم الهزيلة الخالية من الدهن و الجلد، تحافظ على صحة الخلايا و خفض خطورة الإصابة بالأمراض المزمنة المرافقة للتقدم بالسن.
الاعتماد على الأطعمة النباتية بشكل أكبر:
إضافة المزيد من الأطعمة النباتية لنظامك الغذائي، له سر كبير في مكافحة الشيخوخة.
الخضروات و الفواكه و الحبوب الكاملة و البقوليات، تعزز صحة القلب و الدماغ و الجسم عموماً. فهي غنية بالمواد الغذائية و مضادات الأكسدة لمكافحة الجزيئات الحرة الضارة المسببة للشيخوخة.
من الأطعمة الأخرى التي لها دور كبير و فعال في تعزيز صحة الجسم، نذكر البيض و منتجات الألبان قليلة الدسم، بالإضافة للأطعمة البحرية.
الاعتماد على هذه الأطعمة تساهم في خفض الكولسترول الضار و الشحوم الثلاثية. و بالتالي خفض خطورة الإصابة بأمراض القلب و الأوعية الدموية.
الحصول على كميات كافية من البروتينات:
ذكرنا أهمية الأطعمة النباتية و الخضروات. لكن لا يوجد طعام واحد يلبي حاجات الجسم. فلا يخفى دور البروتينات، للحفاظ على صحة العضلات مع التقدم في السن.
بعد بلوغ الشخص لعمر الأربعين، يفقد 8% من كتلته العضلية في كل عقد من الزمن (كل 10 سنوات). و مع بلوغ عمر السبعين، تتناقص الكتلة العضلية بشكل أكبر.
من أفضل الأمثلة عن الأطعمة الغنية بالبروتينات، نذكر المكسرات و الألبان قليلة الدسم و البقوليات و الدجاج و البيض و التونا.
الخروج من المنزل و التعرض لقليل من الشمس!
و ذلك للحصول على فيتامين د الذي يساعد على امتصاص الكالسيوم و الحفاظ على قوة العظام و مكافحة المشاكل الصحية المرتبطة مع التقدم في السن، مثل الأمراض القلبية و السرطان.
التعرض للشمس لمدة 15-30 دقيقة في اليوم، تعتبر فترة كافية لإنتاج فيتامين د. و بإمكاننا تعزيز فيتامين د من خلال بعض الأطعمة التي تحتوي على فيتامين د مثل السلمون و صفار البيض و الحبوب المدعمة بفيتامين د و المتممات الغذائية.
حماية الجلد من أشعة الشمس:
حاجتنا للتعرض للشمس لإنتاج فيتامين د لا تعني أبداً أن ننسى حماية جلدنا من أضرار أشعة الشمس.
التعرض للشمس دون وقاية، يسبب تلف خلايا الجلد و تسريع ظهور التجاعيد و زيادة خطورة الإصابة بسرطان الجلد!
تحدثنا سابقاً عن كيفية الوقاية من أشعة الشمس من خلال ارتداء ملابس مناسبة لحماية الجلد، و استخدام واقي شمسي ذو عامل حماية 30 أو أعلى. و البقاء في الظل أو الداخل، عندما تكون الشمس حادة. و ضرورية تطبيق مرطب للجلد مرتين يومياً.
تجنب التدخين و السموم:
إن السموم البيئية المحيطة بنا تجعل عملية التقدم في السن أسرع.
بعض العوامل البيئية لا يمكننا تغييرها، لكن البعض الآخر بإمكاننا حماية أجسامنا منها. على سبيل المثال التدخين.
لا يخفى ضرر التدخين و مخاطره على صحة الجسم و الوجه.
الإقلاع عن التدخين هو أهم الخطوات التي يمكننا اتخاذها لتأخير عملية الشيخوخة.
الشيخوخة هنا لا نعني بها التجاعيد و الناحية الجمالية فحسب. بل شيخوخة و هرم الجسم و ضعف صحته و قوته.
الحفاظ على رطوبة الجسم:
مع التقدم في السن، تضعف وظائف الكلى و قدرتها على تنقية الجسم من السموم.
قد لا تشعر بالعطش، و قد تتناول بعض الأدوية التي تقلل سوائل الجسم، و تسبب زيادة إدرار البول. و هذا هو السبب أن الكبار في السن أكثر عرضة للتجفاف.
للوقاية من هذه المخاطر، فمن الضروري جداً الحفاظ على رطوبة الجسم، خاصةً مع التقدم في السن.
تشكل الماء 60% من وزن الجسم. و يحتاج الجسم للحصول على الماء، لأداء وظائفه بشكل فعال، لما في ذلك تنظيم درجة حرارة الجسم الداخلية و الحفاظ على صحة الجلد و المفاصل و عمليات الهضم و تخليص الجسم من الفضلات.
يمكننا الحفاظ على رطوبة الجسم ليس من خلال الماء الذي نشربه فحسب. بل زيادة استهلاك الأطعمة الغنية بالسوائل مثل الخضروات و الفواكه و الشوربات، هو أفضل طريقة لتلبية حاجات الجسم من السوائل.
الحفاظ على صحة الأسنان و اللثة:
هنالك ارتباط بين صحة الفم و بين الشيخوخة.
سوء العناية بالصحة الفموية، يرتبط بشكل وثيق بالمشاكل الصحية المرتبطة بالتقدم في السن، مثل الأمراض القلبية و السكتة الدماغية و داء السكري. و من المحتمل أن تنتقل البكتيريا من الفم و تدخل مجرى الدم و تؤدي لزيادة الالتهابات في مناطق مختلفة من الجسم.
بالإضافة لذلك، تشير الدراسات مؤخراً أن أمراض اللثة ترتبط بشكل كبير مع زيادة خطورة الإصابة بالزهايمر.
الحفاظ على صحة الجهاز الهضمي و البكتيريا النافعة:
يجد الباحثون أن البكتيريا النافعة التي تعيش بشكل طبيعي في الأمعاء، لها تأثير على كيفية تقدم الجسم في العمر.
توفر الأمعاء الحماية من العدوى و تنظيم عمليات الاستقلاب و دعم الجهاز المناعي و تعزيز صحة و وظائف الجهاز الهضمي.
لتعزيز صحة الأمعاء و الحفاظ على البكتيريا النافعة بتراكيز صحيحة مع التقدم في السن، ينصح الاعتماد على الأطعمة الغنية بمركبات البروبيوتيك مثل الفواكه الغنية بالألياف و الخضروات و الألبان.
ممارسة التمارين الرياضية و تناول الأطعمة الغنية بالألياف و السوائل، يساعد أيضاً في الحفاظ على حركة الجهاز الهضمي.
تخفيف حالات التوتر:
العيش في أجواء التوتر الدائم، يؤدي للعديد من المشاكل الصحية. بدءاً من اضطرابات النوم إلى زيادة خطورة الأمراض القلبية.
هنالك عدة أساليب فعالة يمكن اتباعها لتخفيف حالات التوتر و تعلم التزام الهدوء عند الضغوطات. بما في ذلك جلسات الاسترخاء و التأمل و التنفس العميق، لتعزيز التركيز.
النوم:
عندما نخلد إلى النوم، ينشغل الجسم بترميم الخلايا التالفة.
إذا لم تحصل على معدل نوم جيد، يتسارع ظهور علامات الشيخوخة.
إذا كانت انتفاخات تحت العين و التجاعيد، ليست دليلاً كافياً على ذلك. فقد أكدت الدراسات أن قلة النوم تؤدي إلى شيخوخة الجلد بشكل أسرع.
كما أن قلة النوم ترتبط مع زيادة خطورة الإصابة بالأمراض المرتبطة مع التقدم في السن، بما في ذلك الأمراض القلبية و ارتفاع ضغط الدم و داء السكري.
تحدثنا سابقاً عن الفرق بين النوم الخفيف و العميق و كيفية تعزيز جودة النوم.
ينصح بالحصول على 7-9 ساعات من النوم يومياً في الليل!
تنشيط الدماغ:
الحفاظ على نشاط الدماغ و الشبكات الدماغية المرنة التي تعمل بشكل مستمر، هي أفضل طريقة للحماية من المشاكل الصحية المرتبطة مع التقدم في السن، مثل الخرف أو الزهايمر.
بإمكانك تعزيز هذه الشبكات الدماغية المرنة، من خلال الاستمرار في المشاركة بالنشاطات أو تعلم مهارات جديدة و الحفاظ على نشاطك الاجتماعي طوال حياتك.
أفضل طريقة للحفاظ على نشاط عقلك، هو من خلال ممارسة نشاطات تحتاج للتركيز و تشغيل العقل.
المراجع:
https://www.healthline.com/health/why-do-we-age
https://www.thehealthy.com/aging/healthy-aging/slow-down-aging
https://www.webmd.com/healthy-aging/features/promote-the-aging-process#1